إدارة عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب
إدارة عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب
حافظ عثمان بن عفان (رضي الله عنه) على الأوضاع التي أرساها عمر، واعتمد في أول ولايته على من اعتمد عليهم الشيخان من قبله، واعتمد في الولاية على بعض عمال عمر، ثم على أناسٍ من أهله وعشيرته، وكثر المال في أيامه فكان لا يتوقف عن إنفاقه فكان جوادًا يحثُّ عماله على الجود، وظلَّت الفتوحات مستمرة في عهده (رضي الله عنه)، غير أن إدارته ضعُفت في النصف الأخير من عهده لشيخوخته ولأن من في مثل سنه لا يستطيع النظر في كل الأمور.
وكانت من أهم أسباب مقتله غلطة إدارية بدرت منه بسبب الغضب والعجلة، فقد اجتمع أناس من أصحاب النبي ﷺ للنظر في أغلاطه ومخالفته لمن سبقوه وكتبوا كتابًا وتعاهدوا على دفعه له، فخرج عمار بن ياسر في نفرٍ منهم فتسلَّلوا عنه حتى دخل على عثمان وحده، فأعطاه الكتاب وقال له إنه جاءه في نفرٍ من المسلمين لكنهم انفضوا عنه، فقال له مروان بن الحكم إن عمارًا جرَّأ الناس عليه فأمر عثمان بضربه، فكان هذا من أسباب قيام الناس عليه.
أما علي (رضي الله عنه) فكانت طريقته هي نفسها طريقة من سبقوه؛ يولِّي العمال ويطلق أيديهم ويكشف أحوالهم ويدعوهم إلى التبلُّغ بميسور العيش والرفق بالرعية ويضع لهم المنهاج الذي يسيرون عليه، وكان منهم عبد الله بن عباس الذي ولاه على البصرة، وكان يقسم ما في بيت المال كل جمعة حتى لا يترك منه شيئًا، وكان شديدًا على من يمد يده بالأذى إلى الرعية وإلى أموال الدولة.
وقد سلَّ سيفه على أهل البغي فهدم حائطًا على اثنين وجدهما على فسقٍ، وكان يقول: “استتروا ببيوتكم والتوبة من ورائكم”، ولكن الفتن استغرقت أيامه أكثر من التنظيم والإدارة، ومن أخطائه مبادرته لعزل جميع عمال عثمان ولم يسمع لمن حذروه أو نصحوه، ولما طالبه أصحاب رسول الله ﷺ بإقامة الحد على من اشترك في دم عثمان طلب منهم الانتظار، فكان هذا ما ألَّب عليه أصحاب عثمان.
الفكرة من كتاب الإدارة الإسلامية في عز العرب
يذهب بعض الناس إلى أن معارف الحضارة الإسلامية مقلدة عن فارس والروم، ولو صح ما قالوا لكانت قوانين فارس والروم باقية ولما استطاع العرب نزع سلطانهم وتثبيت حكمهم مكانهما، ويثبت الكاتب في هذا الكتاب أن الإسلام ابتكر وأبدع في الحرب والإدارة السياسية، كما اخترع وأبدع في العلم والتشريع وأسباب المدنية بالتعرض لأحوال ثلاثة أزمنة وأحوال خلفائها فيها وكيف كانوا يديرون البلاد.
مؤلف كتاب الإدارة الإسلامية في عز العرب
محمد كرد علي: مفكر وأديب سوريٌ وُلِد بدمشق عامَ ١٨٧٦م لأبٍ كردي وأمٍّ شركسية، كان شديدَ الشغف بالقراءة والاطِّلاع؛ فكان والِدُه يمدُّه بكثير من الكتبِ المختلِفةِ الموضوعات، وقد دافَعَ طوالَ عمره عن اللغة العربية، وشدَّد على ضرورة الاعتناء بها في مراحل التعليم، وكان وزيرًا للمعارف والتربية في سوريا، وأيضًا تولَّى رئاسةَ مَجْمَع اللغة العربية بدمشق.
من مؤلفاته: “أقوالنا وأفعالنا”، و”الإسلام والحضارة العربية” و”غابر الأندلس وحاضرها”، وتُوفِّي عامَ ١٩٥٣م ودُفِن بدمشق بجوار قبر معاوية بن أبي سفيان.