شجاعة الإقرار بالتقصير وفوائدها
شجاعة الإقرار بالتقصير وفوائدها
لقد أشار ابن القيم (رحمه الله) إلى جواز الإفصاح عن التقصير في طاعة الله ورسوله وتوضيح سبب التقصير والإخبار بما وصلت إليه الأمور بعد ذلك لكي ينتفع الناس ويحذروا الوقوع في ذلك الخطأ. ونجد في تراثنا الإسلامي مواقف تترجم ذلك الأمر عمليًّا، فمن السلف الكرام من كان يعترف بالتقصير والأخطاء، بل لقد عرف مجتمع الصحابة (رضوان الله عليهم) ذلك، إذ يُعدُّ إخبار كعب بن مالك (رضي الله عنه) بتلك القصة إخبارًا عن تقصيره، ولم يجعل الاستفادة من الأخطاء تقف عنده فحسب كما يفعل بعض الناس في عصرنا، ويرى المؤلف أن أولئك الذين لا يحبون أن يقروا بالتفريط والخطأ فأفضل لهم ذكِر الخطأ دون تعيين من قام به إن كان يترتَّب على ذكره مفسدة أكبر من منفعة الإخبار به أو أنه لا يملك شجاعة الاعتراف، وبالحديث عن التربية؛ فإننا نفتقد اليوم المُربي الذي يرشد أولاده إلى عثراته والأخطاء التي لا يحب أن يراها تتكرَّر معهم، وبكل أسف نجد بدلًا منه ذلك المُربي الذي يتصنَّع المثالية ويختلق المعاذير.
ومما يُستفاد من قصة كعب بن مالك (رضي الله عنه) أن ينتفع من الأخطاء قدر المستطاع، فنجد في قصته فضل الموازنة بين الأعمال بحيث نقدِّر الأهم من المهم فتكون الأولوية للأهم، ثم من بعد ذلك المهم، فالأقل أهميًة وهكذا، ولو أن العابدين لله أدركوا هذه الحقيقة لما اقتصرت أعمالهم على العبادات التي يقوم بها كل الناس فيقومون بالأهم منها وما لا يقوى عليه عامة الناس من نصرة لله (عز وجل) وللرسول (صلى الله عليه وسلم) وجهاد وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر.
الفكرة من كتاب إلى من ضاقت عليه نفسه
تشتد الأزمات والصعاب على نفس الإنسان، ولربما كان اليأس أقرب إليه من شِراك نعله مع تجذُّر الهشاشة النفسية في النفوس حاليًّا، وقد يهرب الناس من الصدق إلى الكذب فرارًا من عواقب الصدق دون اعتبار لقيمة الصدق ومحاسن عواقبه الأخرى، وقد يجد بعضهم في المصائب كل الشر وأنه ما من خير فيها قط، وبعضهم يُقعِده الخطأ عن مواصلة المسير، ولو عددنا ما يعتري الإنسان في مواجهة الصعاب لاحتاج ذلك إلى مجلدات، ولكننا في هذا الكتاب نجد تجربة عجيبة للصحابي كعب بن مالك (رضي الله عنه) حدَّث بها كيف بدأت؟ وإلى أي شيء انتهت؟ وقد نُقِلت إلينا لنستفيد منها ونتعلَّم الدروس.
مؤلف كتاب إلى من ضاقت عليه نفسه
يحيى بن إبراهيم اليحيى: ولد عام 1376 هجرية بالسعودية، وشغل منصب وكيل كلية العلوم العربية والاجتماعية بالقصيم، ووكيل مركز الدعوة وعميد شؤون الطلاب بالجامعة الإسلامية.
ومن مؤلفاته: “مشاهدات في بلاد البخاري”، و”أعذار المتقاعسين”، و”أليس في أخلاقنا كفاية”.