سقوط آخر ممالك الأندلس
سقوط آخر ممالك الأندلس
كانت أكبر هزيمة للمسلمين في هذه الغارات حينما أسر النصارى ملك غرناطة الجديد أبو عبد الله بعد محاولته الإغارة على أراضيهم، وقد كان ضعيفًا فاستسلم لإغراء النصارى الذين أطلقوا سراحه بعد أن خطَّطوا لاستخدامه كأداة ليشنَّ حربًا على أبيه الملك السابق وعمه “الزغل”، حتى أصبح لغرناطة ملكان يتحاربان، وبذل “الزغل” جهده لوقف التقدم الصليبي، لكنهم استمروا في إسقاط المدن، ثم خُلع الزغل وأُعيد تنصيب أبي عبد الله ملكًا لما تبقى من غرناطة، وتبدَّدت قوات الزغل أمام النصارى بعد صمود كبير، ولكن بقي أبو عبد الله يحكم ما تبقى من غرناطة وهو فرح بهزيمة عمه “الزغل”.
وكان من المفترض أن يقوم أبو عبد الله بتسليم غرناطة للملك الصليبي فرديناند لكنه ماطل في ذلك، وأرسل الغارات وظهرت شجاعة ما تبقى من جيش المسلمين الذي استطاع إحراز بعض الانتصارات، ولكن في عام 896هـ عزم فرديناند على احتلال غرناطة وخرج على رأس خمسين ألف جندي لحصارها، وبعد صمود كبير استسلم أهل غرناطة وملكها أبو عبد الله.
وفي عام 897هـ وقعت شروط التسليم والهدنة التي خرقها النصارى، وعانى المسلمون الاضطهاد، وأُغلقت المساجد وأُحرقت المخطوطات والكتب، ولم يسلم اليهود من ذلك التعذيب، وأجبر الإسبان العرب على ترك لغتهم وعاداتهم وأسمائهم، وفي عام 976هـ أشعل أهل غرناطة ثورة على الإسبان سُميت بثورة البشرات الثانية، حتى سيطروا على ولاية البشرات وعينوا أميرًا عليهم يُدعى محمد بن أمية وهو من نسل خلفاء قرطبة.
الفكرة من كتاب قصة العرب في إسبانيا
تفاجأ العالم بعد القرن السابع الميلادي بالعرب ينزعون العزلة عنهم، ويخرجون فاتحين العالم شرقًا وغربًا، وكل هذا سببه رجل واحد، وهو محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم)، الذي عظم تأثير دعوته في قلوبهم فتغيَّرت طبائعهم وأخلاقهم، وتوحَّدوا بعد أن كانوا أشتاتًا من قبائل متفرقة، فاكتسحت جيوشهم أقوى البلاد على وجه الأرض آنذاك، وامتدت دولتهم من آسيا الوسطى لتصل إلى تلك البلاد التي شهدت جرأة طارق، وإقدام عبد الرحمن الداخل، وعزيمة الناصر، وعبقرية المنصور، صاحبة تاريخ كله عراك ونضال وصخب طوال ثمانية قرون، ومن العجب أنه رغم ذلك كانت هي شعلة النور والحضارة.. إنها الأندلس؛ إسبانيا اليوم.
مؤلف كتاب قصة العرب في إسبانيا
ستانلي لين بول (1854-1931م): مستشرق وعالم آثار بريطاني عمل في مصر كعالم مصريات، ثم شغل كرسي الأستاذية للدراسات العربية في جامعة دبلن الأيرلندية.
له عدد كبير من المؤلفات تخص التاريخ الإسلامي والعربي، أهمها: “دراسات في مسجد”، و”تاريخ مصر في القرون الوسطى” و”مختارات لين من القرآن”.