علم الأوبئة والقضايا الأخلاقية
علم الأوبئة والقضايا الأخلاقية
تظهر مشكلات أخلاقية عديدة عند إجراء البحوث الوبائية وبخاصةٍ تلك المتعلقة بسرية البيانات الشخصية، فإلى أي درجة يمكن الرجوع إلى البيانات التي تحدِّد هُوية الشخص مثل شهادتي الميلاد والوفاة؟ كان المتبع أن علماء الأوبئة لهم الحق في التعامل مع تلك البيانات بشرط عدم الإفصاح عن هُوية الشخص لأي جهة أخرى، ولكن واجه هذا الأمر انتقادات كبيرة، إذ لا بد من موافقة الشخص نفسه لتصبح بياناته متاحة للأغراض البحثية باستثناء حالات الطوارئ كتفشِّي وباء ما، فالقضية ليست في مجرد عدم الإضرار بالمريض، بل وحماية استقلاله الذاتي، لكن هذه الالتزامات الصارمة تعوق إجراء البحوث وربما تجعلها مستحيلة.
المشكلة الكبرى في الاتجاه إلى حفظ عينات حيوية كعينات الدم بغرض إجراء بحوث مستقبلية بعد موافقة المتبرع بدمه شبه مستحيلة، لا سيما لإجراء بحوث لم يحدِّدها الباحث بعد إلا إذا أمكن إقناعه اشتراط أن تكون التجارب ضمن إطار تحدِّده لجنة أخلاقية.
وتبرز مشكلة أخرى هي انعدام المساواة الاجتماعية بين البلدان النامية والمتقدمة؛ فلجان الأخلاقيات يقتصر دورها على حماية حقوق الفرد دون النظر إلى الاحتياجات الصحية للبلدان التي تُجرى فيها الأبحاث، ونجد أن النسبة الكبرى من تمويل الأبحاث الطبية تُنفَق على الأمراض التي تصيب سكان العالم المتقدم الذين يمثلون أقل من خمس سكان العالم، وحسب التقديرات فإن تسعين بالمائة من ميزانية الأبحاث تتجه إلى عشرة بالمائة من إجمالي العبء العالمي للأمراض، أي إن فرص الحياة المتاحة تختلف حسب المكان الذي ولدوا فيه، وحجم الرعاية الصحية تتفاوت حسب قيمة دخل الفرد في المكان الواحد.
الفكرة من كتاب علم الأوبئة.. مقدمة قصيرة جدًّا
أمسى الكلام عن المرض والصحة الشغل الشاغل لدى الخاصة والعامة منذ أنْ تفشَّى وباء كورونا المستجد نهاية العام قبل الماضي، مما أَبْرَزَ العِوَزَ الشديد لعلم الأوبئة، سواء في مجال الصحة العامة أو مجال الإحصاء السكاني وديمغرافيا المجتمع، لفهم طبيعة الوباء وآثاره، فلا تكفي التجارب الحيوية المعملية المنعزلة لتفسير كل الظواهر الفيزيولوجية والنفسية والاجتماعية المتعلقة بالمرض، وفي هذا الموجز عرض للمبادئ الأصلية التي يقوم عليها علم الأوبئة.
مؤلف كتاب علم الأوبئة.. مقدمة قصيرة جدًّا
رودولفو ساراتشي (Rodolfo Saracci): أستاذ زائر في جامعتي مونتريال وآرهوس وُلِد عام ١٩٣٦، وترأَّس من قَبل الجمعية الدولية لعلم الأوبئة، وشغل منصب مدير البرنامج التعليمي الأوروبي لعلم الأوبئة، وتقلَّد كذلك مناصب قيادية في مجال الأوبئة في الوكالة الدولية لأبحاث السرطان في ليون.
من أهم مؤلفاته:
تدريس علم الأوبئة.
مرجع أكسفورد للصحة العامة.
مبادئ قياس التعرُّض في علم الأوبئة.