علم الأوبئة والصحة العامة
علم الأوبئة والصحة العامة
إنَّ الدراسات القائمة على ملاحظة الأفراد دون تدخُّل مباشر تمتاز بأنه يمكن إجراؤها في جميع السياقات مع أي ظاهرة صحية، لكن يعيبها صعوبة التحكم في العوامل الأخرى غير المرادة للملاحظة، فمثلًا لا يمكن التحكُّم في نوعية الهواء الذي يستنشقه مجموعة من الأفراد لملاحظة عدد الإصابات بالالتهاب الشعبي المزمن بين أولئك المعرَّضين لملوثات الهواء وغير المعرضين، لذا يستعاض عن الملاحظة بالتجربة العشوائية المنضبطة، وهي ذات قيمة كبيرة في الأبحاث الوبائية؛ فهي أداة لبيان السبب المحتمل للمرض باستبعاد الأسباب الأخرى المفترضة، وتبين أيضًا مدى فاعلية الدواء.
تتعاون ثلاثة أنشطة في الحفاظ على صحة الناس: نشاط الطب الإكلينيكي حيث يتعامل الأطباء، وغيرهم من العاملين في المجال الصحي، مع الأفراد على حدة بالتدابير الوقائية الدوائية وتشخيص الأمراض وعلاجها وتقديم النصيحة النفسية وتأهيل المعاقين وذوي العادات السيئة كالتدخين، ونشاط الوقاية والتشخيص المبكر على مستوى المجتمع السكاني ككل، بمكافحة التلوث والتطعيم الإجباري والاختياري، والنشاط الثالث يكمن في اتباع الأفراد العادات الصحية السليمة والمشاركة في صناعة السياسة الصحية من خلال التثقيف الرسمي وغير الرسمي، وهو ما نسمية المسؤولية الصحية للأفراد، وتقوم منظمات علم الأوبئة والصحة العامة بالتنسيق بين تلك النشاطات، وبقية الأنشطة الأخرى الخارجة عن نطاق الصحة كسياسات توزيع السكان والدخل.
تشمل الإجراءات الوقائية تلك الأنشطة المتخذة للحدِّ من العوامل المحفزة للأمراض والتي تندرج تحت فئتي العوامل الوراثية والبيئية، أما التشخيص المبكر فهو الكلب البوليسي الذي يشم الأدواء في الأشخاص قبل ظهور الأعراض عليهم، وتُجرى بعض اختبارات التشخيص المبكر على هيئة فحوص انتهازية في أثناء فحص المرضى كاختبارات المستضد النوعي الذي ينبئ عن الإصابة بسرطان البروستاتا لكنَّ المفضل في أكثر البلدان والهيئات هو برامج الفحص المنظم كالتي تُجرى للكشف عن سرطانات عنق الرحم والثدي والقولون والڤيروسات الكبدية.
الفكرة من كتاب علم الأوبئة.. مقدمة قصيرة جدًّا
أمسى الكلام عن المرض والصحة الشغل الشاغل لدى الخاصة والعامة منذ أنْ تفشَّى وباء كورونا المستجد نهاية العام قبل الماضي، مما أَبْرَزَ العِوَزَ الشديد لعلم الأوبئة، سواء في مجال الصحة العامة أو مجال الإحصاء السكاني وديمغرافيا المجتمع، لفهم طبيعة الوباء وآثاره، فلا تكفي التجارب الحيوية المعملية المنعزلة لتفسير كل الظواهر الفيزيولوجية والنفسية والاجتماعية المتعلقة بالمرض، وفي هذا الموجز عرض للمبادئ الأصلية التي يقوم عليها علم الأوبئة.
مؤلف كتاب علم الأوبئة.. مقدمة قصيرة جدًّا
رودولفو ساراتشي (Rodolfo Saracci): أستاذ زائر في جامعتي مونتريال وآرهوس وُلِد عام ١٩٣٦، وترأَّس من قَبل الجمعية الدولية لعلم الأوبئة، وشغل منصب مدير البرنامج التعليمي الأوروبي لعلم الأوبئة، وتقلَّد كذلك مناصب قيادية في مجال الأوبئة في الوكالة الدولية لأبحاث السرطان في ليون.
من أهم مؤلفاته:
تدريس علم الأوبئة.
مرجع أكسفورد للصحة العامة.
مبادئ قياس التعرُّض في علم الأوبئة.