في الفرق بين الذكر والأنثى وما يجب مراعاته
في الفرق بين الذكر والأنثى وما يجب مراعاته
إن هناك اختلافًا طبيعيًّا بين الذكر والأنثى لا بدَّ أن يُفهَم، ويوضح الرازي أن الرجل أقوى مزاجًا من الأنثى وأكمل حالًا، فمثلًا في الأحوال البدنية يكون الرجال أصلب أبدانًا، وهيأتهم الخارجية تختلف عن الإناث كعظام الوجه والحوض والصدر وغيرها، والإناث ألطف وجهًا وأدق عنقًا وأضيق صدرًا وأعصابهن أكثر لينًا، أما في الأحوال النفسية فالذكور أقوى شهوةً وأكثر هضمًا وحركةً، وهم أيضًا أشد إقدامًا على الأهوال وأكثر شجاعة، حتى في جودة الذهن وحسن الرؤية والقدرة على تحصيل العلوم أفضل، أما الأنثى فهي أقل حركة من الذكر، وأقل جلدًا على الأهوال وأقل غضبًا، وأقل رغبةً في الانتقام، إلا أنها أشد مكرًا وأجرأ على القبائح من الذكر، وأسهل في الانقياد للغير.
ولكن ينبغي بعد كل هذا أن تراعى عدة أشياء، لأن هناك أمورًا يجب الالتزام بها لئلا يصدر الشخص أحكامًا خاطئة يظنها صوابًا، وهي؛ الأمر الأول: أن هذه الدلائل ظنية وليست يقينية فيجب مراعاة الحذر من إطلاق الأحكام بتعجُّل، ويجب اعتبار جميع الدلائل الأخرى في الشخص، فشكل الوقح مثلًا يشابه شكل الشجاع، فيجب اعتبار بقية الدلائل لتستطيع التفريق.
والثاني في شروط الناظر في هذا العلم أن يكون صاحب حس سليم قوي الذاكرة كاملًا في قوة البصيرة والحواس، فبسمعه القوي يدرك الفروقات بين الأصوات، وبحدَّة بصره وبصيرته يفرِّق بين الأشكال، وبالممارسة والتجريب والضبط يقوى أمره في هذا الشأن كحال بقية العلوم.
أما الأمر الثالث فهو عند التعارض، أي عندما تتعارض الأدلة بعضها مع بعض، فلا بدَّ من الترجيح أو التوقف عن الحكم، فمثلًا: إذا ظهر على وجه الشخص علامات كونه جبانًا، ولكن دلائل صدره وكتفيه توحي بأنه شجاع، فهنا يؤخذ الدليل الثاني لأنه أقوى، ولأن الشجاعة محلها القلب والصدر إلى القلب أقرب، ويحتمل أيضًا أن يمزج بين الصفتين، فيكون شجاعًا دون الغاية وفوق المتوسط، وأيضًا يجب أن يؤخذ في الاعتبار عند الترجيح أن بعض الدلائل أقوى من الأخرى.
الفكرة من كتاب الفراسة
علم الفراسة من العلوم التي اشتهر بها المسلمون، وهو علم الفطنة والذكاء وقوة الملاحظة وجودة الذهن وقوة الحفظ، ينفذ به الرائي من خلال علامات ظاهرة إلى باطن النفوس ويجلي حقيقتها.
إننا لا ننفكُّ عن مخالطة الناس والتعامل معهم، فهذا تبدو عليه علامات الخير، وذاك يضمرُ الشر، وهذا نافعٌ وذاك مؤذٍ، ولما كانت معرفة حقيقة أمرهم شيئًا نافعًا جليلًا، ظهر هذا العلم وكان هذا الكتاب.
مؤلف كتاب الفراسة
فخر الدين محمد بن عمر الرازي، المعروف بفخر الدين الرازي أو ابن خطيب الريّ، ولد سنة 544 هـ في قرية الرّيّ، وتوفّي عام 606 هـ في مدينة هراة. هو إمام مفسر وفقيه أصولي، عالم موسوعي امتدت بحوثه ودراساته ومؤلفاته من العلوم الإنسانية اللغوية والعقلية إلى العلوم الطبيعية في: الفيزياء والرياضيات والطب، والفلك.
وقد بلغ الرازي في العلم مكانًا عظيمًا، فكان إذا ركب مشى في ركابه مئات التلاميذ والفقهاء، حتى لقب بـ “شيخ الإسلام”، وقد خلف تصانيف كثيرة في كل فن، منها: التفسير الكبير “مفاتيح الغيب” الذي جمع فيه ما لا يوجد في غيره من التفاسير، و “المحصول” في علم الأصول و”المطالب العالية” و”تأسيس التقديس” في علم الكلام، و”نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز” في البلاغة، و”الأربعين في أصول الدين”، و”كتاب الهندسة” وغيرها كثير.