محاولة للمضي قدمًا ولكن!
محاولة للمضي قدمًا ولكن!
قرَّر طالب البَدء في العمل الحر بعدما عرض أخوه عليه إنشاء مصنع للبلاط الخزفي في كربلاء، لكن استمرت المضايقات والضغوط من قبل الأجهزة الأمنية، ليتجه طالب إلى بغداد ويفتتح معرضًا للأنتيكات والسجاد في مكان منعزل بعيدًا عن المضايقات، وبالفعل اكتسب شهرة كبيرة بين الزبائن خلال فترة قصيرة نظرًا إلى قوة علاقاته.
لم تكتمل محاولة طالب في التغاضي عما حدث، فوجئ بمن يطرق الباب ويخبره بأنه ضابط في جهاز المخابرات وأن الرئيس يطلب استدعاءه في القصر الجمهوري، ليتم اقتياده إلى مبنى خلف القصر الأبيض، حيث رأى بداخله عددًا كبيرًا من المساجين العراة في زنزانة صغيرة ومغلقة وكلهم وقوف فيها لا يستطيعون الجلوس أو النوم، وليوضع طالب بينهم بعدما تم ضربه ونهره من قِبل أحد العاملين بهذا السجن ويُدعى أبو محمود الجلاد، ثم بعد ساعة ونصف من هذا الموقف تم إحضار طالب إلى مكتب الضابط المسؤول وضَّاح الشيخ الذي عرف نفسه باسم خالد.
علم طالب أن سبب استدعائه هو أنه تم تسجيل حوار عبر مسجِّل تم وضعه سرًّا في معرضه، قال فيه إن جهاز المخابرات قتل سعد الخياط، وهو صديق قديم لطالب ذو خلفية سياسية، وقد اعترف طالب بذلك لكنه شرح ذلك بالتفصيل وأن سعد الخياط كان مشكوكًا في أمره بعمله لدى جهاز المخابرات الأمريكية ووجود علاقات قوية له مع موظفين دبلوماسيين في السفارة الأمريكية، وبعدما انتهى الحوار أُخذ طالب إلى زنزانته المظلمة وأُبلغ أن اسمه سيكون الجاسوس (213) وأن عليه أن ينسى اسمه، بل إنه سيتعرَّض للتعذيب إذا نسي الاسم الجديد.
الفكرة من كتاب حكايتي مع صدام
مع صعود حزب البعث وتولي حكم العراق كانت السلطة الأمنية محكمة قبضتها على كل أمر في البلاد بتحكم مباشر من قِبَل نائب الرئيس آنذاك والحاكم الفعلي صدام حسين، وشملت هذه السيطرة الجامعات والمؤسسات الأكاديمية بالعراق، وبالطبع على رأسها جامعة بغداد وكلياتها وبالأخص كلية الاقتصاد والسياسة التي شهدت في عام 1976م حدث اعتقال الدكتور طالب البغدادي في أثناء إلقائه محاضرة لطلابه، ويصبح ذلك الحدث حديث المجتمع العراقي، في هذا الكتاب يحكي لنا الدكتور طالب تفاصيل حياته في هذه الفترة وما حدث له.
مؤلف كتاب حكايتي مع صدام
د. طالب البغدادي: أستاذ جامعي عراقي، حصل على الدكتوراه في العلوم الاقتصادية بجامعة بواتييه بفرنسا عام 1973م، وعمل أستاذًا جامعيًّا في جامعة بغداد عام 1974م وحتى اعتقاله ومنعه من العمل، ثم عمل أستاذًا جامعيًّا في جامعة الزيتونة في الأردن عام 1995م ورئيسًا لديوان رئاسة الجمهورية العراقية عام 2004م.