فرديناند وسعيد
فرديناند وسعيد
حين زار فرديناند محمد علي، كانت هناك مشكلة تؤرِّق والي مصر جدًّا، وهي ابنه الأصغر سعيد، وسمنته المفرطة، وبالإضافة إلى سمنته كان قصيرًا وغبيًّا وشديد الارتباك، ويشعر بالخجل عند مقابلة شخص غريب، وكان محمد علي يعلم أن فرديناند فارس جيد؛ فقال له إنه سيخصِّص له حصانًا جيدًا ما دام معه في مصر، وطلب منه أن يعلِّم “سعيد” ركوب الحصان جيدًا؛ لعلَّه يفقد بعض وزنه، كما أن فرديناند أقنع الملك بألا يعاقب الولد على زيادة وزنه، ومن هنا نشأت علاقتهما، فقد بدأ الأمير الصغير ينظر إلى فرديناند على أنه ملاذ للراحة من نقد الوالد، ومن قساوة المدرسين، وفقدت دروس الخيل رهبتها، وبدأ الاستمتاع بها، وكان يذهب إلى مقر فرديناند حيث كان يشعر بالحرية، فكان بإمكانه النوم أو القراءة أو التكلُّم في الأشياء التي تهمُّه أكثر من غيرها لديه.
وعندما اكتشف الاثنان أن لديهما مصلحة عظيمة مشتركة توطَّدت صداقتهما إلى الأبد، وفيما بعد حين تُوفِّيَت زوجة فرديناند واستقال من الخارجية ورفض ولاة مصر طلب بناء القناة؛ وتولَّى سعيد الولاية أرسل إليه فرديناند خطابًا يعيد فيه العلاقة القديمة التي كانت بينهما ورحَّب سعيد بهذا واستدعى فرديناند من فرنسا، وهو ما ترتَّب عليه بناء القناة فيما بعد.
حين وصل فرديناند إلى مصر أقام بإحدى فِلل الملك، وأرسل سعيد عددًا قليلًا من أصدقائه المقرَّبين للترحيب بمعلمه السابق، الذي حاول الاستفسار منهم بدقَّة عن صديقه القديم، ومحاولًا الحصول على أي معلومة عمَّا يحبه سعيد، وما لا يحبه؛ لأنه كلما عرف أكثر، أدرك جيدًا كيف يكون أسلوب الاقتراب من الوالي للحصول منه على الموافقة على خطط القناة.
جعله الوالي مستشارًا له، وصحبه معه في سفره من الإسكندرية إلى القاهرة، وفي هذه الرحلة حضَّر أوراقه ورسوماته ليتحقَّق من دقَّتها وليتأكَّد أن المعتقدات البيولوجية والجغرافية كما كان يعتقد، وبدأ بإخبار رفيقه في السفر ذو الفقار باشا، أحد الإخوة الكبار للوالي، وحازت هذه الفكرة اهتمامه، وحثَّه على إخبار الوالي وعرض المشروع عليه، وأكد له أنه سيوافق.
الفكرة من كتاب ديليسبس وقناة السويس.. عبقرية الإنسان والتاريخ
يبحث هذا الكتاب في حياة فرديناند ديليسبس، من نشأته حتى وفاته، موضِّحًا مواطن براعته، والجهود التي بذلها لإنجاح مشروع قناة السويس.
مؤلف كتاب ديليسبس وقناة السويس.. عبقرية الإنسان والتاريخ
لورا لونج: كاتبة أمريكية، ولدت في إنديانا، ودرست في شيكاجو، والتحقت فيما بعد لمدة سنة بكلية الزراعة في ميشيغان.
من مؤلفاتها: “جون بيتر زينجر”، و”مدافع شاب عن الصحافة الحرة”، و”أوليفر هازارد بيري.. فتى البحر”، و”جورج ديوي: فتى فيرمونت (طفولة مشاهير الأمريكيين)”.