دوائر العلاقات
دوائر العلاقات
أما عن العلاقة بين الدولة والمجتمع فهناك عدة دوائر تتمثَّل فيها هذه العلاقة؛ أولى هذه الدوائر هي دائرة الوالدين وفيها يتشرَّب الأبناء أسس العقيدة وقواعد الاجتماع، والدائرة الثانية هي أولو القربى الرحمية (الأقارب) وأولو القربى المكانية (الجيران)، فأسس الإسلام للاهتمام بالأقارب، وأوصى القرآن بالجار، والرابطة المكانية لها حرمة في الإسلام أيضًا كالرابطة الرحمية، أما الدائرة الثالثة فهي دائرة أولي القربى الدينية، أي دائرة الأمة، وهي امتداد لما سبقها.
فالدوائر السابقة لها علاقات بين بعضها وبعض وفقًا للقانون الإلهي، ولا تترك هذه العلاقات لأي سلطة كانت لتشكِّلها بخلاف التصوُّر القرآني، وعلى الجانب الشخصي فانتماء الفرد إلى أي دائرة يجعل له حقوقًا ويوقع عليه واجبات.
بناء على ما سبق فالدولة ليست سلطة مطلقة، وأيضًا ليست السلطة الوحيدة في الرؤية الإسلامية، فالسلطة الحاكمة لا تستطيع أن تبدل قواعد المجتمع المسلم، أو تغير أسسه الاقتصادية أو السياسية، لأن هذه الأمور قد حسمها القانون الإلهي الأعلى (الشريعة)، والتزام الأفراد به ينبغي أن يعلو التزامهم بقوانين الدولة وطاعتهم لها.
ولا ينكر الإسلام أن ثمة خلافاتٍ قد تقع بين أفراد المجتمع ومكوِّناته، لكن لا يُترك ليتصاعد الصراع كما يرى ماركس، وكذلك ترفض الرؤية القرآنية وجود مؤسسات ثابتة للمعارضة كما يرى الليبراليون، فالإسلام يقر بوقوع الاختلاف لكنه يدعو إلى التقليل من آثاره السلبية بالرجوع إلى الشريعة، فغياب المرجعية العليا في الرؤى الليبرالية والماركسية هي التي تؤدي إلى وجود خلافات دائمة غير محسومة، والرجوع إلى الشريعة يؤدي دومًا إلى السلامة واليقين.
الفكرة من كتاب مقدمة في فلسفة السياسة
يسعى المؤلف في كتابه هذا إلى تسليط الضوء على تاريخ الأفكار السياسية من خلال عرض أطروحات أهم الفلاسفة والمنظِّرين منذ الحضارات القديمة إلى الآن وعقد مقارنات بينها وبيان تأثير وتأثر الأفكار بعضها ببعض، والإجابة عن أسئلة من قبيل ما أهم الأفكار التي تشكِّل الملامح الرئيسة للفيلسوف؟ وما أهم القضايا التي ناقشها؟ وما الحلول التي طرحها لمواجهتها؟
مؤلف كتاب مقدمة في فلسفة السياسة
التجاني عبد القادر حمد: كاتب سوداني الجنسية، تخرج في كلية الآداب، جامعة الخرطوم، شعبة الفلسفة، ونال درجة الماجستير في الفلسفة من الجامعة نفسها عام 1984م، والدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة لندن عام 1989م، وعمل أستاذًا للعلوم السياسية بجامعات الخرطوم بالسودان، وزايد بالإمارات، ويعمل حاليًّا أستاذًا للعلوم السياسية ورئيس قسم العلوم الاجتماعية بمركز ابن خلدون بجامعة قطر.