الرؤية القرآنية لفلسفة السياسة
الرؤية القرآنية لفلسفة السياسة
ربما يرى البعض أن الفلسفة هي من بنات الفكر الغربي، وأن كل ما صدر من الحضارات الأخرى متأثر بها، إلا أن المنظور القرآني قد طرح إسهامات مستقلة عن غيرها من الأفكار والفلسفات، فالرؤية القرآنية أن الله هو الذي أوجد الكون وهو حي لا يموت، أما الكون المخلوق فله غاية ونهاية، وبناء عليه فالإنسان هو جزء من هذا الوجود ميَّزه الله بالعقل، وسخَّر له الكون، وأرسل إليه الرسل ومعهم الكتب لهدايته، وعلى هذا الأساس فالإنسان ليس هو معيار الأشياء، والوجود المادي لا يستطيع أن يفسِّر نفسه بنفسه، وإنما هو مفتقر إلى الله وشريعته ليهتدي ويبصر الخير والشر.
ويمكن بيان فلسفة التشريع الإسلامي في فكرة رئيسة مفادها أنه وبعدما يؤمن الإنسان بالله بكامل إرادته فعليه ألا يتخذ غيره وكيلًا ومصدرًا أعلى للقانون، فهناك عقد أخلاقي يبايع فيه الفردُ المؤمن ربَ العالمين، ويخضع لأوامره وقوانينه ويبذل قصارى جهده في إنفاذ هذا القانون، على أن يدخله الله (عز وجل) مقابل ذلك الجنة، وهناك تعاقد له ثلاثة أطراف، الله (عز وجل)، والأمة والحاكم، عقد أخلاقي بين الفرد والله، وعقد دستوري (قانوني) بين الفرد والحاكم، ولا قيمة للعقد بين الأفراد والسلطة إن لم يكن مستندًا إلى العقد الأول، فمبايعة الحاكم أمر تابع لمبايعة رب العالمين، وهنا يظهر فارق مهم بين الرؤية القرآنية مع نظيرتها الغربية، فالفرد في الرؤية القرآنية لا يلتزم بالقانون شكليًّا فقط، وإنما هنا بعد أخلاقي مستتر، يجعله يلتزم بالقوانين طالما كانت تابعة وخاضعة للقانون الأعلى (الشريعة).
الفكرة من كتاب مقدمة في فلسفة السياسة
يسعى المؤلف في كتابه هذا إلى تسليط الضوء على تاريخ الأفكار السياسية من خلال عرض أطروحات أهم الفلاسفة والمنظِّرين منذ الحضارات القديمة إلى الآن وعقد مقارنات بينها وبيان تأثير وتأثر الأفكار بعضها ببعض، والإجابة عن أسئلة من قبيل ما أهم الأفكار التي تشكِّل الملامح الرئيسة للفيلسوف؟ وما أهم القضايا التي ناقشها؟ وما الحلول التي طرحها لمواجهتها؟
مؤلف كتاب مقدمة في فلسفة السياسة
التجاني عبد القادر حمد: كاتب سوداني الجنسية، تخرج في كلية الآداب، جامعة الخرطوم، شعبة الفلسفة، ونال درجة الماجستير في الفلسفة من الجامعة نفسها عام 1984م، والدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة لندن عام 1989م، وعمل أستاذًا للعلوم السياسية بجامعات الخرطوم بالسودان، وزايد بالإمارات، ويعمل حاليًّا أستاذًا للعلوم السياسية ورئيس قسم العلوم الاجتماعية بمركز ابن خلدون بجامعة قطر.