الغزالي وابن تيمية وابن خلدون
الغزالي وابن تيمية وابن خلدون
لقد عاش الغزالي مرحلة تفكُّك الدولة العباسية، وألَّف كتابه “فضائح الباطنية وفضائل المستظهرية” بطلب من الخليفة العباسي “المستظهر بالله” ليردَّ على دعاوى الباطنية الذين أقاموا الدولة الفاطمية في مصر في هذه الفترة، ليدحض شبهة أن الخلافة تنعقد بالنص كما يدَّعي الباطنية، ويؤكَّد أنها تنعقد بالاختيار كما يقول أهل السنة، ولا يشترط لانعقادها الإجماع، وإنما موافقة عدد من الأتباع لهم قوة وشوكة ومنعة تحول دون وقوع فوضى سياسية.
أما ابن تيمية فقد عاصر تحديات مشابهة لما واجهه الغزالي، تمثَّلت في التمدُّد الفكري والسياسي للشيعة الباطنية، وبناءً عليه ألف ابن تيمية “منهاج السنة في نقض كلام الشيعة القدرية”، ذكر فيه أن الإمامة تنعقد بموافقة ما سماه “أهل القدرة والشوكة”، والذين بمبايعتهم يمتلك الإمام “مشروعية” ويتحقَّق مقصود الإمامة والحكم.
وضح بعد ذلك ابن تيمية رسالته “السياسة الشرعية” أركان الولاية ومقصودها، أما الأركان فهما القوة والأمانة، وأما المقصود فهو إصلاح دين الخلق (حفظ الدين)، وإصلاح ما لا يقوم الدين إلا به من أمور الدنيا (سياسة الدنيا بالدين)، وبنى كل ذلك على آيتين من كتاب الله في سورة النساء التي تأمر بتأدية الأمانات إلى أهلها والحكم بالعدل، وطاعة الله والرسول، وطاعة أولي الأمر طالما لم يأمروا بمنكر.
أما ابن خلدون فبيَّن في مقدمته الشهيرة أنه بصدد تأسيس علم مستقل موضوعه “العمران البشري” و”الاجتماع الإنساني”، وأن أفكاره لا تقتصر على تدبير المدينة أو السياسة المدنية كما نظر فلاسفة الإغريق وإنما تركِّز على طبيعة الاجتماع الإنساني.
الفكرة من كتاب مقدمة في فلسفة السياسة
يسعى المؤلف في كتابه هذا إلى تسليط الضوء على تاريخ الأفكار السياسية من خلال عرض أطروحات أهم الفلاسفة والمنظِّرين منذ الحضارات القديمة إلى الآن وعقد مقارنات بينها وبيان تأثير وتأثر الأفكار بعضها ببعض، والإجابة عن أسئلة من قبيل ما أهم الأفكار التي تشكِّل الملامح الرئيسة للفيلسوف؟ وما أهم القضايا التي ناقشها؟ وما الحلول التي طرحها لمواجهتها؟
مؤلف كتاب مقدمة في فلسفة السياسة
التجاني عبد القادر حمد: كاتب سوداني الجنسية، تخرج في كلية الآداب، جامعة الخرطوم، شعبة الفلسفة، ونال درجة الماجستير في الفلسفة من الجامعة نفسها عام 1984م، والدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة لندن عام 1989م، وعمل أستاذًا للعلوم السياسية بجامعات الخرطوم بالسودان، وزايد بالإمارات، ويعمل حاليًّا أستاذًا للعلوم السياسية ورئيس قسم العلوم الاجتماعية بمركز ابن خلدون بجامعة قطر.