الفكر السياسي الغربي قديمًا وحديثًا
الفكر السياسي الغربي قديمًا وحديثًا
تهتم فلسفة السياسة بالغايات الكبرى التي ينبغي على الفاعل السياسي تبنيها وتطبيقها، أما علم السياسة فيختص بدراسة الواقع، وكان أفلاطون يرى أن الإله معيار الأشياء وليس الإنسان، وأن العقل مقدم على المادة، ولا يمكن تفسير العالم من خلال رؤية مادية تُنحي الإله والعقل، ووضع نظريته عن الحاكم الفيلسوف الذي يستطيع إنقاذ الدولة والمجتمع، ورأى أهمية تقسيم العمل، فيقوم كل فرد بدوره بما يصب في مبدأ تحقيق العدل، وعليه فعلم السياسة عند أفلاطون ليس علمًا وصفيًّا أو نظريًّا بل هو علم آمر يقرر ويحكم، أما أرسطو فقد ربط بين الأخلاق والسياسة؛ فالأولى تُنظم أفعال الفرد ليحقِّق سعادته الخاصة، والثانية تنظِّم أفعال المجتمع ليحقِّق السعادة الكلية، وبناءً على ذلك فغاية الفرد تصب في غاية المجتمع، والدولة عنده تجمع أخلاقي من أجل تحقيق الفضيلة.
أما عن بدايات الفكر الغربي الحديث والمعاصر فقد سيطرت الكنيسة على السلطة السياسية في القرن الخامس عشر الميلادي، فرجال الدين على قمة الحكم يقودهم البابا، وصارت الكنيسة تدير كل صغيرة وكبيرة، وأصبح من الصعوبة بمكان التفريق بين المسيحية كدين، والتعاليم والترتيبات المأخوذة من التراث الفلسفي الإغريقي كأفكار أرسطو وأفلاطون، وأدى ذلك إلى ظهور حركتين كرد فعل، الأولى هي حركة النهضة التي سعت إلى التحرُّر من تعاليم الكنيسة وسلطة البابا، والثانية حركة الإصلاح الديني التي سعت إلى تطهير الدين مما لحق به من بدع ووثنيات.
وظهر ميكافيللي ليؤكِّد أن السؤال الذي ينبغي البحث عن إجابته هو كيف نحيا الآن؟ وليس كيف يجب أن نحيا؟ وهو بذلك يؤسِّس للواقعية السياسية ويدعو إلى فصل الأخلاق عن السياسة، متأثرًا بالواقع السياسي الذي عاشه وما شهدته إيطاليا من تفكُّك واضطرابات، وتابعه هوبز الذي رأى أن أهمية الدولة في السلطات المطلقة، وكان أوجست كونت من أبرز المفكرين الوضعيين، وقد سعى إلى تحرير المعرفة من أي ادعاءات دينية غيبية ودراسة الواقع كما هو عليه، وعاصره ماركس الذي رفض أيضًا الميتافيزيقا ونظّرَ للتصوُّر المادي للتاريخ وعلاقات الإنتاج.
الفكرة من كتاب مقدمة في فلسفة السياسة
يسعى المؤلف في كتابه هذا إلى تسليط الضوء على تاريخ الأفكار السياسية من خلال عرض أطروحات أهم الفلاسفة والمنظِّرين منذ الحضارات القديمة إلى الآن وعقد مقارنات بينها وبيان تأثير وتأثر الأفكار بعضها ببعض، والإجابة عن أسئلة من قبيل ما أهم الأفكار التي تشكِّل الملامح الرئيسة للفيلسوف؟ وما أهم القضايا التي ناقشها؟ وما الحلول التي طرحها لمواجهتها؟
مؤلف كتاب مقدمة في فلسفة السياسة
التجاني عبد القادر حمد: كاتب سوداني الجنسية، تخرج في كلية الآداب، جامعة الخرطوم، شعبة الفلسفة، ونال درجة الماجستير في الفلسفة من الجامعة نفسها عام 1984م، والدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة لندن عام 1989م، وعمل أستاذًا للعلوم السياسية بجامعات الخرطوم بالسودان، وزايد بالإمارات، ويعمل حاليًّا أستاذًا للعلوم السياسية ورئيس قسم العلوم الاجتماعية بمركز ابن خلدون بجامعة قطر.