ما يُعين على التدبُّر
ما يُعين على التدبُّر
يذكر الكاتب الأمور المُعينة على تدبُّر القرآن والتأثُّر به، وهي: إنزال القرآن لتدبُّره والتفكُّر في معانيه، والتعبُّد بقراءته لا مُجرد تلاوته دون تفكُّر، وعند القراءة يتغنَّى العبد بالقراءة ويُحسِّنها، فيكون صوته مُعينًا له على الخشوع والخضوع، ومع تحسين الصوت لا بُدَّ أن تكون تلاوته صحيحة، مُتقنة للتجويد، سالمة من الأخطاء، فسلامة النطق تُكمل الإدراك وتعين على التدبُّر، ويُحسِن الوقف والابتداء، فيبتدئ من أول الكلام المرتبط بعضه ببعض ويتوقَّف عند نهايته.
ويبدأ قراءته بالاستعاذة، فإن الشيطان يحرص على أن يحول بين القلب وبين مقصود القرآن، فالاستعاذة تنقي لما قد يلقيه الشيطان من الشرور، وحتى تدنو الملائكة وتستمع لقارئ القرآن، وحتى لا يشرد ذهن القارئ فله أن يجهر بالتلاوة، ويُسمع بأذنه، وله أن يستمع وينصت إلى القرآن بصوتٍ طيب يُلقي في قلبه الآيات.
ومن الأمور المعينة أيضًا: صلاة الليل وقراءة القرآن بحضور وفهم، فإن الليل أجمع للقلب، يقول تعالى: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾، فيفوز بشفاعة القرآن يوم القيامة حين يقول القرآن لصاحبه “منعته النوم بالليل”.
وليعلم القارئ أن عظم الأجر يزيد بمزيد التدبُّر والاعتبار بما يتلوه، وقد يُفضِّل البعض القراء من المصحف أو القراءة عن ظهر قلب، أو يرفع صوته أو يخفضه، فهذا يختلف باختلاف الأشخاص، لكن المُهم أن يختار القارئ ما يكون أكثر تأثرًا في قلبه وحضورًا لعقله، ولا يستعجل في ختم القرآن، فالأهم هو أن ينتفع بقراءته، فقد سُئل زيد بن ثابت: كيف ترى قراءة القرآن في سبع؟ قال: “حسن، ولأن اقرأه في نصف شهر أو عشر أحب إليَّ. وسلني: لم ذاك؟” قال: فإني أسألك؟ قال زيد: “لكي أتدبَّره وأقف عليه”.
الفكرة من كتاب تدبُّر القرآن
حين نتأمَّل في وقع القرآن الكريم على الصحابة (رضوان الله عليهم)، ومُراقبة أحوالهم، وكيف كانوا قبل القُرآن وكيف صاروا بعده، نجد أن للقُرآن سطوة عجيبة! ووقعًا مُختلفًا، فما الفارق بين القرآن الذي نزل فيهم والقرآن الذي بين أيدينا؟ لا فارق.. وإنما هو فارق التلقِّي والتعامل مع القرآن، يقول تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾، فلم يكن تدبُّر القرآن عند سلفنا الصالح درسًا يُسمع أو كتابًا يُقرأ بقدر ما كان شعورًا ينبض في قلب القارئ وهو يتجه إلى القرآن!
في هذا الكتاب يُجدِّد لنا الكاتب معارف وأحوالًا تجعل القلب يظفر بحياة جديدة مع القُرآن، وسبيل تدبُّره، ليكون قُرَّة العين، وحياة القلب.
مؤلف كتاب تدبُّر القرآن
سلمان بن عمر السنيدي: كاتب ومفكر إسلامي، سعودي الجنسية، قدم العديد من محاضرات التزكية والتعليمية، وله عدد من المؤلفات المُتعلقة بالقرآن الكريم وتدبُّره، منها: “من أجل تدبر القرآن”، و”واقع تدبر القرآن في مدارس التحفيظ”، وكذلك مؤلفات أُخرى ككتاب “التنوُّع المشروع في صفة الصلاة”.