كيف نعبر عن حزننا؟
كيف نعبر عن حزننا؟
على الرغم من اختلاف الأساليب المعبرة عن الحزن، فإن الجميع يقرُّ الوسائل التي تساعد على تجاوزه، وأول وأهم وسيلة هي مساندة الأهل والأصدقاء للحزين، فحسب نظرية باركس يكون المصاب بالحزن أشبه بحيوان جريح في أمسِّ الحاجة إلى الرعاية، ويعدُّ الأصدقاء والأسرة هم أكثر الداعمين في هذه الفترة، وقد تكون المساندة في بادئ الأمر تتمثَّل في أمور بسيطة مثل الرد على الهاتف، أو التعامل مع الأمور المادية، والأهم من ذلك أن يكون الصديق مستمعًا جيدًا، لأن الأفراد الذي يشعرون بالحزن يحتاجون بشدة إلى التحدث عن حالة الفقد التي يعيشونها، حيث يساعد الكلام على تفسير ما حدث، خصوصًا مع الأصدقاء المتفهِّمين لحالة الحزن.
وفي هذه المرحلة التي تمتد إلى أكثر من عامين، يشعر المرء بالخوف خشية الوحدة إذا توقف الهاتف عن الرنين، لذا تكمن أهم وسيلة للمساندة في الاتصال الدائم به، ويقدر الشخص الحزين وجود أصدقائه معه في ذلك الوقت حتى ولو لم يتفوَّهوا بالكثير، وتساعده أيضًا خطابات التعزية، ويفضل دعوة الشخص المكلوم في مناسبات محددة، وسيكون من المؤلم تجاهل الأصدقاء التحدث عن الشخص الميت، وإنما من المستحب تبادل الذكريات، وتعد زيارة القبور والاحتفال بالذكرى السنوية طقوسًا خاصة يمكن تكرارها على مر السنين، حيث تنفِّس عن الحزن وتساعد على الشفاء.
وتعد الكتابة إحدى طرق التعبير عن المشاعر المكبوتة أيضًا، فالكاتبة “أليسون ورثيمر” ألَّفت أهم كتبها بعد انتحار أختها، كما نظم الشاعر “بليك موريسن” أروع قصائده بعد موت أبيه، ولا تكون الكتابة وسيلة للكتاب المختصين فقط للتعبير عن مشاعرهم، بل تخصُّ جميع فئات الشعب، وتساعدهم على تفسير الأحداث، وتقوِّيهم في أوقات عجزهم، ويمكن توجيه العواطف الأولى الجياشة التي يفجرها الحزن نحو أي نشاط إبداعي، كالرسم أو النحت، والطريقة الشائعة لمعالجة الحزن هي تحويل الحزن إلى وسيلة لمساعدة الآخرين، أما مرحلة التكيف مع الحزن فتحتاج إلى جهد وشجاعة، ويدخل عامل الزمن في تجاوزها.
الفكرة من كتاب العيش رغم الفقد والألم
يبدو في بعض المجتمعات أن أفرادها يجدون صعوبة في مواجهة الجانب المتعلق بالفقد والحزن، حيث إنهم لم يعتادوا العيش في ظل الألم والمرض والموت والكوارث، وعلى العكس يبذلون قصارى جهدهم لتجنُّب الحزن والتركيز على السعي وراء السعادة والمصالح المادية وتحقيق الذات، ويتعاملون مع مشاعر الفقد والحزن على أنها طارئة تشذ عما هو طبيعي.
يأتي هذا الكتاب ليساعدنا على جعل مفهوم الحزن طبيعيًّا، حتى يستطيع الفرد تقبُّله وفَهمه والتعامل معه عند حدوثه، من خلال تعريف الحزن، وتوضيح الأساليب المعبرة عنه.
مؤلف كتاب العيش رغم الفقد والألم
جوليا توجندات Julia Tugendhat: كاتبة بريطانية ومعلمة وطبيبة نفسية.
لها العديد من الكتب في مختلف المجالات، وتُرجم لها كتابان للعربية وهما “العيش رغم الفقد والألم” و”كيف تتغلب على الأحزان”، فضلًا عن تأليفها بعض الكتب التي تتناول المشكلات الاجتماعية في حياة الطفل والأسرة، منها:
The Adoption Triangle
How to Approach Death
Children at the Battle of Waterloo
My Colonial Childhood in Tanganyika