التأثير الخارجي في الآخرين
التأثير الخارجي في الآخرين
تخفق الأسواق عندما يتخذ الناس قرارات تؤثر في آخرين يقفون منها موقف المتفرج؛ كالازدحام المروري وتلوث الهواء الناتجين عن قيادة السيارات؛ فالمال الذي تدفعه لشراء الملابس يقوم بتعويض جميع تكاليف صناعتها، دون أن تتسبَّب في ضرر لأي شخص آخر، بينما عندما أقوم بقيادة سيارتي فأنا لا أدفع جميع تكاليف تلك القيادة، حيث إنني لا أفكِّر في الثمن الذي فرضته على المجتمع من تلوث للهواء وازدحام للمرور.
وحتى تكون الصورة أكثر وضوحًا، يضرب تيم مثالًا بشرب الخمور؛ عندما كان في المرحلة الجامعية كانت تقام حفلات في الجامعة تجد فيها أشخاصًا لا يشربون الخمور، وآخرين يشربون حتى الثمالة، وكان السبب ناتجًا عن وجود نوعين من التذاكر، تذكرة “كحولية” باهظة الثمن تسمح لصاحبها أن يشرب الكحوليات كيفما شاء، وتذكرة أخرى أرخص بكثير من سابقتها، تسمح لصاحبها -فقط- بشرب عصير برتقال، فكان الطلاب بين خيارين لا ثالث لهما، إما شراء التذكرة الرخيصة والحصول على عصير البرتقال، وإما شراء التذكرة الكحولية باهظة الثمن، فيشربون كمية غير محدودة من الخمور لتحقيق أكبر استفادة، وكانت النتيحة هي الفوضى التي سبَّبتها تلك التذكرة الكحولية، مما سبَّب الكثير من الإزعاج للحضور.
وهذا ما ينتج عنه الاختناق المروري، فالدولة وضعت أمام قائدي السيارات خيارين فقط، إما دفع رسوم سنوية باهظة، ومن ثمَّ القيادة متى شاؤوا، أو عدم قيادة السيارات نهائيًّا، فيما يشبه اختيار شرب عصير البرتقال، لكن الحل الأمثل لتلك المشكلة يكمن في دفع قائدي السيارات رسومًا عن كل مرة يقودون فيها السيارة، وهذا ما لا تفعله وزارة النقل والمواصلات لتجنُّب الاختناق المروري، والحد من تلوث الهواء.
الفكرة من كتاب المخبر الاقتصادي
ربما وأنت تطالع هذا الملخَّص لم توصِ أخضر بأن يقوم بتلخيصه من أجلك، بل ربما لم يخطر على بالك وأنت تتصفَّح التطبيق أنك ستقرأه، رغم ذلك وبشيءٍ من السحر قام العشرات بما يلزم من أجل تلبية رغباتك غير المتوقعة، بدءًا من المعدين، ثم المحررين، ثم المدققين اللغويين، ثم المعلق الصوتي، وغيرهم، فأي منتج يصل إليك كمستهلك هو نتاج جهد ضخم لعدد كبير من الأشخاص، ففنجان القهوة الذي تشربه وأنت تقرأ هذا الملخَّص يكمن خلفه نظام معقد جدًّا، يبدأ من زرع البُن، ثم قطف ثماره، وصولًا إلى تحميصه، وكذلك سبك الصلب، وشكل اللدائن لصناعة آلة القهوة، إلى جانب المواد التي يصنع منها الكوب الذي يوضع فيه مشروب القهوة، وصولًا إلى اليد الأخيرة (أنت).
مؤلف كتاب المخبر الاقتصادي
تيم هارفورد Tim Harford خبير اقتصادي يكتب في مجلة “فاينانشال تايمز” Financial Times، عَمل في السابق مدرسًا لمادة الاقتصاد بجامعة أكسفورد، له كتب عديدة منها:
The Logic of Life
How to Make the World Add Up
The Undercover Economist Strikes Back
Adapt: Why Success Always Starts with Failure