سياسة السعر المستهدف
سياسة السعر المستهدف
تعطيك الندرة قوة، لكنها ليس قوة مطلقة، بل محدودة، فإذا كنت تمتلك مقهى لصناعة القهوة في مكان مميَّز، فإن ذلك يعطيك قوة تفاوضية ناتجة عن الندرة، فإذا كان يباع كوب القهوة بسعر (جنيهين)، تستطيع أن تبيعه بسبب الندرة بسعر (3 جنيهات)، وسيجد المقهى زبائن يشترون كوب القهوة بهذا السعر المرتفع، لكن في المقابل هناك الكثير ممن لن يعجبهم هذا السعر ويتجنَّبون الشراء منك، وإذا قمت بخفض سعر كوب القهوة لتحصل على ربح أقل، كأن تبيعه بسعر (جنيه واحد)، فإنك ستحتاج أن يتردَّد عليك أضعاف عدد الزبائن السابقين، وإلا كان الربح لا يكفي إلا مرتبات الموظفين.
ومن ثم فأنت أمام معضلة “إما أن تحقِّق هوامش ربح عالية من بيع القليل من القهوة، وإما أن تحقِّق هوامش ربح منخفضة من بيع الكثير من القهوة”، وبالتالي فإن الشركات والمقاهي والمطاعم، وغيرها، تلجأ إلى ما يعرف باسم “السعر المستهدف” لتجنُّب تلك المعضلة، فيحقِّقون هوامش ربح عالية، بجانب الاحتفاظ بهوامش الربح المنخفضة، فعندما تُعرض عليك قائمة أسعار تحتوي -مثلًا- الآتي: (قهوة سادة = جنيه واحد، قهوة باللبن= 3 جنيهات)، فاختيارك القهوة السادة يعني أن لديك حساسية تجاه الأسعار، بينما اختيارك القهوة باللبن يعني أنك لا تشعر بحساسية تجاه الأسعار لأن اللبن المضاف إلى القهوة سيجعل السعر يزداد بضعة قروش كأن يكون 1.25 جنيه، وليس 3 جنيهات؛ فمن خلال اختيارك تقول لهم بطريق غير مباشر: “أنا أشعر بحساسية تجاه الأسعار، أو لا أشعر بأي حساسية تجاهها”.
الفكرة من كتاب المخبر الاقتصادي
ربما وأنت تطالع هذا الملخَّص لم توصِ أخضر بأن يقوم بتلخيصه من أجلك، بل ربما لم يخطر على بالك وأنت تتصفَّح التطبيق أنك ستقرأه، رغم ذلك وبشيءٍ من السحر قام العشرات بما يلزم من أجل تلبية رغباتك غير المتوقعة، بدءًا من المعدين، ثم المحررين، ثم المدققين اللغويين، ثم المعلق الصوتي، وغيرهم، فأي منتج يصل إليك كمستهلك هو نتاج جهد ضخم لعدد كبير من الأشخاص، ففنجان القهوة الذي تشربه وأنت تقرأ هذا الملخَّص يكمن خلفه نظام معقد جدًّا، يبدأ من زرع البُن، ثم قطف ثماره، وصولًا إلى تحميصه، وكذلك سبك الصلب، وشكل اللدائن لصناعة آلة القهوة، إلى جانب المواد التي يصنع منها الكوب الذي يوضع فيه مشروب القهوة، وصولًا إلى اليد الأخيرة (أنت).
مؤلف كتاب المخبر الاقتصادي
تيم هارفورد Tim Harford خبير اقتصادي يكتب في مجلة “فاينانشال تايمز” Financial Times، عَمل في السابق مدرسًا لمادة الاقتصاد بجامعة أكسفورد، له كتب عديدة منها:
The Logic of Life
How to Make the World Add Up
The Undercover Economist Strikes Back
Adapt: Why Success Always Starts with Failure