القوة من الندرة

إذا تخيَّلت معي منطقة بها مساحة كبيرة من الأراضي الخصبة غير المزروعة التي يملكها عدد قليل من السكان، وجاء شخص يُدعى (س) يريد أن يستأجر فدانًا واحدًا منها لزراعتها، فنظرًا إلى وفرة الأراضي الخصبة المتروكة بلا زراعة، فلن يستطيع أن يحصل مُلَّاك تلك الأراضي على أسعار إيجار مرتفعة، ومن ثم سيفضل كل منهم أن يحصل على إيجار زهيد بدلًا من عدم الحصول على أي إيجار، فيتنافس المُلَّاك على تخفيض سعر الإيجار، ما يعني حصول (س) على فدان الأرض بسعر زهيد يكفي فقط لتعويض مالك الأرض عن متاعبه لا أكثر.

 الحل: 📚📚📚 مكتبة ضخمة جدا 

من الكتب المبسطة والمضغوطة على هاتفك مع تطبيق أخضر

تطبيق أخضر يوفر لك آلاف ملخصات الكتب العربية والعالمية بطريقة مقروءة ومسموعة في أكثر من ١٦ قسم في كافة مجالات الحياة 

حمله الآن 😎

جوجل بلاي -- أبل ستور

ففي تلك الحالة نجد أن مالك الأرض لم يكن يملك أي “قوة تفاوضية” نظرًا إلى عامل الوفرة في الأراضي الخصبة غير المزروعة، فالمزارعون نادرون والأراضي كثيرة، وبالتالي انعدمت القوة التفاوضية، لكن مع مرور الزمن سيأتي شخص ثانٍ، ثم ثالث، إلى أن تصبح جميع الأراضي الخصبة مستأجرة، فيأتي شخص يدعى (ص) إلى تلك المنطقة ليكتشف عدم وجود فائض من الأراضي الخصبة لزراعتها، ولا يجد أمامه سوى الأراضي المغطاة بالشجيرات القصيرة الأقل خصوبة، المتوافرة بكثرة، فيعرض (ص) على مُلَّاك الأراضي الخصبة مبلغًا كبيرًا مقابل الحصول على أيٍّ من الأراضي الخصبة لزراعتها، وكما أن (ص) كان مستعدًّا لدفع مبلغ كبير للحصول على الأرض الخصبة، فإن (س) سيدفع مبلغًا أكبر ليظل محتفظًا بزراعتها.

ومع استمرار المزارعين في المجيء إلى تلك المنطقة، فإنهم سيزرعون الأرض المغطاة بالشجيرات القصيرة، وتسمى تلك الأرض “بالأرض الحدية”، حيث يجب أن يظل سعر إيجار الأرض الخصبة مساويًا دائمًا للفرق بين محصول الغلة الناتجة عن الأرض الخصبة والأرض ذات الشجيرات القصيرة، حتى لا يرغب مزارعو الأخيرة في طلب الحصول على الأرض الخصبة.

ربما وأنت تطالع هذا الملخَّص لم توصِ أخضر بأن يقوم بتلخيصه من أجلك، بل ربما لم يخطر على بالك وأنت تتصفَّح التطبيق أنك ستقرأه، رغم ذلك وبشيءٍ من السحر قام العشرات بما يلزم من أجل تلبية رغباتك غير المتوقعة، بدءًا من المعدين، ثم المحررين، ثم المدققين اللغويين، ثم المعلق الصوتي، وغيرهم، فأي منتج يصل إليك كمستهلك هو نتاج جهد ضخم لعدد كبير من الأشخاص، ففنجان القهوة الذي تشربه وأنت تقرأ هذا الملخَّص يكمن خلفه نظام معقد جدًّا، يبدأ من زرع البُن، ثم قطف ثماره، وصولًا إلى تحميصه، وكذلك سبك الصلب، وشكل اللدائن لصناعة آلة القهوة، إلى جانب المواد التي يصنع منها الكوب الذي يوضع فيه مشروب القهوة، وصولًا إلى اليد الأخيرة (أنت).

تيم هارفورد Tim Harford خبير اقتصادي يكتب في مجلة “فاينانشال تايمز” Financial Times، عَمل في السابق مدرسًا لمادة الاقتصاد بجامعة أكسفورد، له كتب عديدة منها:

The Logic of Life

How to Make the World Add Up

The Undercover Economist Strikes Back

Adapt: Why Success Always Starts with Failure