محبَّة الله
محبَّة الله
يجب ألا ننسى أن الله (عز وجل) سيحاسبنا على تلك الذرية التي بين أيدينا، فبالنظر إلى حالنا في هذا العصر سنلاحظ انتشار الخبث والخبثاء، وانتشار الشهوات والشبهات التي تفتك بإيمان ذرياتنا، لذا كان من الواجب بذل المزيد من الجهد والاجتهاد لتعزيز القوَّة الإيمانية في نفوس ذرياتنا، فأوَّل مهمة تُلقى على عاتق العائل لتحقيق ذلك هو اختياره لرفيقة حياته، فتكون بمثابة مُعلّمة فاضلة ومربية كريمة.
ويجب العلم أن كثرة العدد ليست أهم شيء، إنما المهم هو العمق والكيفية وسعة الأفق، فعلى الأب والأم التركيز على الكيفية وليس الكمية، حينها يجتهدان لتوفير المناخ التربوي للطفل، حيث يتشكَّل في بيئة مُهيَّئة لتحقيق الغاية من عبادة الله، فالمدرسة والأصدقاء، بل حتى الخيَّاط والنجار.. يجب على الأبوين أن يتخيَّرا من يظهر عليهم سمت الصلاح، حتى يتشكَّل في وعي الطفل أن المجتمع لا بدَّ أن يكون بهذا السمت.
كما أن مقدار المحبَّة المُقدَّم للأطفال يجب أن يكون مدروسًا، فلا نغالي في تعلُّقنا بأبنائنا، ولا نحرمهم من عاطفتنا وإشفاقنا، لا بدَّ من الاعتدال في الأحباب، وذلك لعدَّة أسباب: منها أن محبة الله (عز وجل) يجب أن تكون مُقدَّمة على كل محَبّة، وأن الولد ما هو إلا أمانة وهبة من الله لنا، وأن حبنا له أيضًا هو منحة من الرحمن الرحيم حتى لا نقصِّر في تلك الأمانة.
وكما أن من الواجب أن نحرص على تقديم محبة الله (عز وجل) في قلوبنا، يجب أن نزرع محبة الله في قلوب أطفالنا، فنحدِّثهم عن الله واهب النعم، ونحدِّثهم عن رحمته فيتولَّد بداخلهم شعور الثقة والحب لله، ومن وسائل زرع محبة الله في نفس الطفل هو أن يرى حال الأب والأم مع الله، فحين يستيقظ الطفل في وسط الليل ويرى أحد الأبوين يقوم لله في الليل ويتضرَّع ويبكي له سبحانه، فهذا المشهد لن يغيب عن الطفل، وسيبقى مصدرًا لإلهامه طوال عمره.
الفكرة من كتاب من البذرة إلى الثمرة
“نحن ثمرةُ أعمالِ السابقين، والأجيالُ القادمة ستكون ثمرةَ أعمالنا، فبدلًا من أن نشكوَ الزمانَ والعصرَ الذي نعيش فيه، علينا أن ننظر إلى ما أُهْمِلنا فيه من عناصر تربويَّة فنستدركَها في أولادنا حتى نُحقِّقَ عملية انبعاثٍ قلبيةٍ وروحيةٍ وشعوريةٍ لنا ولتاريخنا وللأجيال القادمة من بعدنا”؛ بهذا المبدأ انطلق محمد فتح الله كولن في كتابه هذا ليتناول بعض المسائل المُتعلِّقة بالزواج والأسرة والتربية، فكلٌّ من الزوجين يعتمد على الآخر على نحو كبير، فأولى المسؤوليات الملقاة على عاتق ربِّ الأسرة هي اختيار رفيقة حياته، لذا كان مفهوم الزواج عنصرًا مهمًّا لا بدَّ من بناء تصوُّر صحيح عنه، ثم يجب أن يكون الأبوان على علم ومعرفة بالتربية، حتى يتمكَّنا من إنشاء جيل صاحب عقيدة قوية سويِّ النفس، وعلى قدر من الوعي والبصيرة.
مؤلف كتاب من البذرة إلى الثمرة
مُحمد فتح الله كولن: مُفكِّر إسلامي وداعية تركي، وُلِد عام 1941م في قرية كوروجك بتركيا، ونشأ في عائلة متديِّنة، فدرس في المدرسة الدينية في طفولته وصباه، وعندما بلغ العشرين من عمره عُيِّن إمامًا في جامع بمدينة أدرنة، ثم بدأ العمل الدعوي في أزمير في مدرسة تحفيظ القرآن، ثم عمل واعظًا متجوِّلًا، فطاف في جميع أنحاء غربي الأناضول.
أُطلِقَ عليه “أب الإسلام الاجتماعي”، فهو مؤسس وزعيم “حركة كولن”، وهي حركة دينية تمتلك مئات المدارس في تركيا، كما تملك الحركة صحفها ومجلاتها وتلفزيوناتها الخاصة، وشركاتٍ خاصة وأعمالًا تجارية ومؤسسات خيرية.
له العديد من الكتب منها:
إعلاء كلمة الله.
ونحن نبني حضارتنا.
الرد على شبهات العصر.
الاستقامة في العمل والدعوة.