حال الأمة!
حال الأمة!
إن السبب الرئيس لانهيار الأمم هو انتشار المساوئ الأخلاقية، التي تنخر بهدوء في قيم المجتمع كما يفعل السرطان في جسم الإنسان دون أن يشعر، والأمة الإسلامية تحديًدا كان السبب في انهيارها فقدانها لمعنويَّاتها وابتعادها عن القرآن الكريم ومبادئ الإسلام، فأصبح الاهتمام بكل ما هو مادي دون اهتمام بالمعنى، ولكن يُمكننا إعادة الاتزان وتحقيق النجاح إذا ما صحَّحنا وجهتنا مرة أخرى، ووجَّهنا اهتمامنا إلى القرآن الكريم وأعطينا الآخرة قدرها الحقيقي في حياتنا.
يقول الله تعالى ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ أجل.. يجب أن نستغل ما أنعم الله به علينا من نعم دنيوية، لكنَّ المهم هو ألا تشغلنا تلك النعم عن أمر الآخرة، فإذا تتبَّعنا حالنا وجدنا أن ما أصابنا كان أساسه الافتتان بالدنيا وتقليد الأمم الأخرى التي لا تستطيع تحقيق التوازن بين الجسد والروح، فالإنسان في الإسلام هو خليفة الله في الأرض، سخَّر له الكون، لذا حين استمسك المسلم بوحي ربِّه تقدّم في العلم وحقَّق التوازن، ولكن حين فقد المُسلم الوحي وابتعد عنه أصبح كما قال رسول الله ﷺ: “تَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُم شِبْرًا بشبْر، وذراعًا بذراع، حتَّى لو سَلَكُوا جُحْر ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوه”.
فالموت الحقيقي ليس الذي نعرفه، إنما هو غفلة الإنسان عن نفسه، وتبلُّد شعوره، وموت قلبه عن عالم المعاني، فالإنسانية الآن في أسوأ حالاتها التاريخية، ولو عاد المسلمون وتأمَّلوا عِظَم نعم الله عليهم حين رزقهم القرآن الكريم وسنَّة نبيِّه مُحمد ﷺ سيقومون من جديد، سيقومون وهم في حالة اتزان وأمان نفسي وقلبي.
الفكرة من كتاب من البذرة إلى الثمرة
“نحن ثمرةُ أعمالِ السابقين، والأجيالُ القادمة ستكون ثمرةَ أعمالنا، فبدلًا من أن نشكوَ الزمانَ والعصرَ الذي نعيش فيه، علينا أن ننظر إلى ما أُهْمِلنا فيه من عناصر تربويَّة فنستدركَها في أولادنا حتى نُحقِّقَ عملية انبعاثٍ قلبيةٍ وروحيةٍ وشعوريةٍ لنا ولتاريخنا وللأجيال القادمة من بعدنا”؛ بهذا المبدأ انطلق محمد فتح الله كولن في كتابه هذا ليتناول بعض المسائل المُتعلِّقة بالزواج والأسرة والتربية، فكلٌّ من الزوجين يعتمد على الآخر على نحو كبير، فأولى المسؤوليات الملقاة على عاتق ربِّ الأسرة هي اختيار رفيقة حياته، لذا كان مفهوم الزواج عنصرًا مهمًّا لا بدَّ من بناء تصوُّر صحيح عنه، ثم يجب أن يكون الأبوان على علم ومعرفة بالتربية، حتى يتمكَّنا من إنشاء جيل صاحب عقيدة قوية سويِّ النفس، وعلى قدر من الوعي والبصيرة.
مؤلف كتاب من البذرة إلى الثمرة
مُحمد فتح الله كولن: مُفكِّر إسلامي وداعية تركي، وُلِد عام 1941م في قرية كوروجك بتركيا، ونشأ في عائلة متديِّنة، فدرس في المدرسة الدينية في طفولته وصباه، وعندما بلغ العشرين من عمره عُيِّن إمامًا في جامع بمدينة أدرنة، ثم بدأ العمل الدعوي في أزمير في مدرسة تحفيظ القرآن، ثم عمل واعظًا متجوِّلًا، فطاف في جميع أنحاء غربي الأناضول.
أُطلِقَ عليه “أب الإسلام الاجتماعي”، فهو مؤسس وزعيم “حركة كولن”، وهي حركة دينية تمتلك مئات المدارس في تركيا، كما تملك الحركة صحفها ومجلاتها وتلفزيوناتها الخاصة، وشركاتٍ خاصة وأعمالًا تجارية ومؤسسات خيرية.
له العديد من الكتب منها:
إعلاء كلمة الله.
ونحن نبني حضارتنا.
الرد على شبهات العصر.
الاستقامة في العمل والدعوة.