فلسفة الجماعة
فلسفة الجماعة
مما جاء في فضل صلاة الجماعة أنها أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة، وهو عدد ليس بيسير، فإذا ما اعتبرنا الفرد الواحد الموجود في صلاة الجماعة مساويًا لسبعةٍ وعشرين فردًا من غير المصلين، فنكون بذلك قد حصلنا على شخص قوي جدًّا، بل أقوى شخص في العالم، ولا تضاهي قوته الروحانية إلا قوة شخص مثله قد صلَّى في جماعة أيضًا، وهذه هي روح الجماعة المقصودة.
فحين يصطفُّ المصلُّون يستمدُّ كلٌّ منهم من موضعه قوةً وثقلًا، هذا الصف المتماسك يعزِّز شعور الانتماء، ويوقع في النفس طمأنينة مدعَّمة بكل معاني التضامن والذوبان في جيش من المؤمنين المصطفين بلا حدود تفرقهم ولا تمييزات عرقية أو مجتمعية، لا شيء سوى بنيان مرصوص يساند بعضه بعضًا، ينتج عنه تحرُّر للذات الفردية من أناتها العليا، وذوبانها في الكل تحت هوية واحدة بلا فقد لخصوصية الفرد وصفته المميزة، فيؤدي تباعًا إلى تحقيق التوازن المجتمعي بين الأفراد، والترابط بين أركانه فلا يتشتَّت الفريق ولا يدخل بينهم مفسد مفرِّق أو دخيل.
وذلك غاية صلاة الجماعة، والدليل على ذلك فاتحة الكتاب عندما تُفتَتح بها الصلاة -وإن كان فردًا- فيقول المصلي: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾، ويكمل إلى نهاية السورة بصيغة الجمع، كما لو أنها تذكرة للمسلمين جميعًا وتأكيد مباشر على أفضليَّتها وفضائلها. ونعود هنا إلى دور رمضان الذي يجذب المصلين جذبًا ويرغِّبهم في صفوف الجماعة، ومن ثم يعوِّدهم أداءها، فتصبح شريعة ثابتة يتعلَّق فيها القلب بالمسجد، والروح بشقيقتها، حتى إذا ما انتهى الشهر تعسَّر على المصلي أن يضحِّي بتلك النزعة المكتسبة.
الفكرة من كتاب الذين لم يولدوا بعد
لما اعتاد الناس المرور على رمضان كغيره من الشهور، بل ولما صار موسمًا للتخفيضات في الأسواق، ومباراة تنافسية بين البرامج المتلفزة والمسلسلات، وحين انشغلت البطون بموائد الطعام والشراب، صار حتمًا على هذا الكتاب أن يرينا رمضان الذي يجب، ويذكِّرنا بأحكامه، ويستوضح معانيه الغائبة عن وجدان الفرد المسلم الذي فاته كل رمضان سابق، علَّه يستقبل رمضان القادم.
مؤلف كتاب الذين لم يولدوا بعد
أحمد خيري العمري: كاتب وطبيب أسنان عراقي، ولد عام 1970 في بغداد، واشتهر بكتاباته في مجال النهضة الإسلامية، تم تصنيفه -وفقًا لأحد مراكز الدراسات السويسرية- ضمن قائمة تحوي 100 من المؤثرين في صناعة الرأي عربيًّا، وذلك في عام 2017.
له من الإنتاج الثقافي الكثير منذ بدأ الكتابة والنشر، يتراوح بين ثلاثة عشر كتابًا وثلاث روايات وثلاثة برامج متلفزة، حيث احتلَّت الكتب النصيب الأكبر والانتشار الأوسع، ومنها:
البوصلة القرآنية.
عالم جديد ممكن.
المهمة غير المستحيلة.
الفردوس المستعار والفردوس المستعاد.