توقيت التجربة الذاتية
توقيت التجربة الذاتية
هل يمكن أن يتأخَّر الوعي عن أحداث العالم الواقعي؟ نشأ هذا السؤال المحيِّر من واقع الأبحاث التي بدأها عالمُ الأعصاب بنجامين ليبيت في ستينيات القرن العشرين، وأدت النتائجُ التي توصَّلَ إليها إلى ظهور نظريات عن «تأخُّر نصف الثانية» أو «تأخُّر ليبيت»، وما يلي ذلك من حرية الإرادة والمسئولية.
حيث أجرى العالمِ أولى تجاربه على مرضى تعرَّضَ سطحُ أدمغتهم لجراحةٍ ضرورية، وقد صرَّحوا له بتحفيز هذا السطح باستخدام أقطاب كهربية،كان معروفًا منذ فترةٍ كبيرة أن منطقة الدماغ المسمَّاة القشرة الحسية الجسدية تشتمل على خريطة للجسم، وأن تحفيز أيِّ جزءٍ منها يؤدِّي إلى الإحساس كما لو أن الجزء المرتبط به من الجسم قد تمَّ لمسه؛ فإذا تمَّ تحفيز القشرة الحركية يتحرَّك جزءٌ من الجسم، وإذا تمَّ تحفيز القشرة البصرية تتمُّ رؤية أشياء، وهكذا.
وقد كان التفسير الأكثر وضوحًا (وليس بالضرورة الأكثر دقةً) هو أن إنتاج الوعي يتطلَّب نصف ثانية من نشاط الخلايا العصبية، وأطلق ليبيت على هذا «كفاية نشاط الخلايا العصبية المطلوبة للوعي»، إنه لأمر غريب للغاية، فهو يعني أن الوعي يجب أن يتأخَّرَ في حدوثه عن أحداث العالم الواقعي، ومن ثَمَّ فلا قيمةَ له في الاستجابة لعالمٍ سريعِ الإيقاع،
وإحدى الطرق الجيدة للتفاعل مع هذا الموضوع هي العمل بطريقةِ التفكير البديهية في الوعي، ومحاولة حلِّ المشكلة؛ أي تفسير كيفية تحوُّلِ العمليات غير الواعية إلى عمليات واعية، وهذه هي الطريقة التي تقودنا إلى نظرية الكم، وأشكال مختلفة من الثنائية.
الفكرة من كتاب الوعي: مقدمة قصيرة جدًّا
ما الوعي وما وظيفته؟ كيف يمكن لإطلاق النبضات الكهربائية من ملايين من خلايا الدماغ المتناهية الصغر أن تخلق خبرتنا بالعالم؟ وهل الإنسان يمتلك بالفعل إرادةً حرة، وما الذي يخلق إحساسه بالذات؟
يتناول هذا الكتاب بعض النظريات المهمة، بما فيها التجارب الحديثة عن الفعل والوعي، والرؤية والانتباه وحالات الوعي المتغيرة، وتأثيرات تلف الدماغ والعقاقير.
مؤلف كتاب الوعي: مقدمة قصيرة جدًّا
سوزان بلاكمور Susan Blackmore: عالمة نفس وكاتبة حرة ومحاضرة، ألَّفت العديد من المقالات العلمية وأسهمت في تأليف عددٍ من الكتب، تكتب في مجلات وصحف عديدة، وكثيرًا ما تشارك في برامج إذاعية وتلفزيونية سواءً في المملكة المتحدة أو خارجها، وقد قدمت العديد من البرامج التلفزيونية، بما في ذلك برنامج وثائقي عن ذكاء القردة.
من بين كتبها: سيرة ذاتية بعنوان: «بحثًا عن النور»، و«مقدمة إلى الوعي» و«حوارات عن الوعي».