الزومبي بين الحقيقة والخيال
الزومبي بين الحقيقة والخيال
يطلق الفلاسفة اسم “زومبي” على ذلك الكائن الذي يشبه الإنسان تمامًا، حيث يتصرَّف ويفكر ويتحدث مثله، لكنه غير واعٍ، حيث تحدث أفعاله بغير وعي، ولا يمتلك تجارب ذاتية على الإطلاق، وتطرح الكاتبة سؤالًا قد يبدو بسيطًا ولكنه يحمل عالمًا كاملًا من التعقيدات النفسية، ألا وهو: “هل الزومبي موجود حقًّا”؟ من يجيبون عن هذا التساؤل بـ”نعم”، فهم الفئة التي تؤمن بوجود نظامين متكافئين؛ أحدهما واعٍ والآخر غير واعٍ، وأن كائنات الزومبي ليست متخيلة فقط، لكن وجودها وارد في عالم آخر إن لم يكن في عالمنا هذا، ومن يجيبون بـ”لا”، فهم الذين يرون أن فكرة الزومبي كلها مستحيلة لأن أي كائن يأكل ويستمتع ويفكر ويختار ما يرتديه ويتكلم، ويفعل باقي المهام التي يفعلها الإنسان، من الضروري أن يكون واعيًا.
وعلى ذلك يقود مفهوم الزومبي إلى التفكير في السؤال الأساسي: هل الوعي سمة خارجية خاصة حالَفَ البشر الحظُّ بالتمتع بها، أم أنه شيء يأتي بالضرورة مع كلِّ المهارات الأخرى مثل الإدراك الحسي والتفكير والشعور؟ فمن يعتقد أن الوعي سمة خارجية، ربما يقول إن البشر تطوروا جميعًًا إلى كائنات زومبي لا أفراد واعين، ومن يعتقد أن الوعي جزءٌ لا يتجزأ من النظام البشري، إذن فمن المستحيل وجود الزومبي وتصبح الفكرة بأكملها عبثية.
لقد أصبحت عبارة “قوة الوعي” شائعة جدًّا، إذ يعدُّ الوعي شكلًا من أشكال القوى التي قد تؤثر تأثيرًا مباشرًا في العالم؛ سواء بالتأثير في الأجسام عندما يقرر شخص ما أن يحرك ذراعه فيتحرك، أم بالتأثير في أمور مثل التخاطب والعلاج الروحي.
ومن الوسائل لاكتشاف إذا كان الوعي قوة مؤثرة أم لا، أن يسأل الإنسان: ماذا سيحدث إذا استبعدنا الوعي؟
وقد يظن أن الوعي ضروري من أجل اتخاذ القرارات، لكن الجميع يعرف كيفية اتخاذ الدماغ للقرارات، ومن الواضح أنه لا يحتاج إلى قوة خارجية لعمل ذلك، وربما نظن أن الوعي مهم من أجل التذوق الجمالي والإبداع والوقوع في الحب؛ فإذا كان الأمر كذلك، فيجب إثبات أن تلك الأشياء تحدث بفضل الوعي، لا بفضل الآليات الداخلية لدماغ بارع.
الفكرة من كتاب الوعي: مقدمة قصيرة جدًّا
ما الوعي وما وظيفته؟ كيف يمكن لإطلاق النبضات الكهربائية من ملايين من خلايا الدماغ المتناهية الصغر أن تخلق خبرتنا بالعالم؟ وهل الإنسان يمتلك بالفعل إرادةً حرة، وما الذي يخلق إحساسه بالذات؟
يتناول هذا الكتاب بعض النظريات المهمة، بما فيها التجارب الحديثة عن الفعل والوعي، والرؤية والانتباه وحالات الوعي المتغيرة، وتأثيرات تلف الدماغ والعقاقير.
مؤلف كتاب الوعي: مقدمة قصيرة جدًّا
سوزان بلاكمور Susan Blackmore: عالمة نفس وكاتبة حرة ومحاضرة، ألَّفت العديد من المقالات العلمية وأسهمت في تأليف عددٍ من الكتب، تكتب في مجلات وصحف عديدة، وكثيرًا ما تشارك في برامج إذاعية وتلفزيونية سواءً في المملكة المتحدة أو خارجها، وقد قدمت العديد من البرامج التلفزيونية، بما في ذلك برنامج وثائقي عن ذكاء القردة.
من بين كتبها: سيرة ذاتية بعنوان: «بحثًا عن النور»، و«مقدمة إلى الوعي» و«حوارات عن الوعي».