الولع الماسوني
الولع الماسوني
في عام 1814 أقيم أول طقس ماسوني مصري في فرنسا، والذي أعلن عنه الإخوة بيداريد، وقد تأثر هذا المحفل الذي أسَّسوه بصورة أساسية بعسكرية نابليون في بداية القرن التاسع عشر، بالروحانية اليهودية، وقد اتخذ الإطار المصري القديم خلفية لهذه الماسونية، وقد انتشرت انتشارًا عظيمًا، ويعدُّ مؤسس الماسونية المصرية هو الكونت دي كاجليوسترو الذي كان مغرمًا بتاريخ مصر، وأطلق على نفسه اسمه “القبطي الكبير”، وكان لا يقسم إلا بها، ونشر في كل مكان يمر به فكرًا دينيًّا وباطنيًّا ادَّعى أنه مصري.
وقد أدى هذا الرجل دورًا كبيرًا في ظهور الأفكار الماسونية التي يقال عنها إنها مصرية، ولكن كاجليوسترو والطائفة من بعده واجهوا عداوة المسيحيين واليهود، وقبل أن يُنهي لويس الثامن عشر نشاط بيداريد عام 1822 كانت محافل كثيرة قد انتشرت بداخل فرنسا تضم آلاف الأعضاء أغلبهم من المثقفين والفنانين، الذين أسهموا في تطوير أفكار عن الماسونية المصرية ونشرها، ودرسوا وبحثوا كل ما يتعلق بمصر ويجري فيها.
وقد أضاف هؤلاء الماسونيون بعدًا روحيًّا مهمًّا إلى موجة الولع بمصر في القرن التاسع عشر عن طريق فصل العالم المقدَّس عن العالم الدنيوي، وذلك بفضل معابدهم التي تشبه المعابد المصرية، وإن كان كاجليوسترو خلق في صالوناته وندواته التي كان يعقدها أطرًا مصرية، فالماسونيون في القرن التاسع عشر حوَّلوا هذه الصالونات والنوادي إلى معابد حقيقية.
وقد أخذت الماسونية المعاصرة عناصر بالإضافة إلى الهندسة وإطار المعبد من مصر القديمة، فمثلًا طقوس المسارة التي تعدُّ احتفالات تقام لإيقاف عضو جديد على أسرار الجمعية، تتضمَّن التطهير بأربعة عناصر رئيسة للحياة وهي الماء والنار والأرض والهواء، وقد تمت دراسة هذه العناصر الأربعة وتعليمها منذ عهد فيثاغورس.
وقد أسَّس المشرق الكبير الخاص بفرنسا بعض المحافل الماسونية في مصر في النصف الأول من القرن التاسع عشر في الإسكندرية والقاهرة والمنصورة، ثم يأتي دور محمد علي في تنمية هذه الجمعيات والمحافل وحمايتها في مصر، ومن أهم من بقي من جالية نابليون في مصر وعمل على نشر الماسونية ديليسبس.
الفكرة من كتاب الولع الفرنسي بمصر من الحلم إلى المشروع
يتحدث هذا الكتاب عن أسباب ولع الفرنسيين بمصر على مر التاريخ، وكونها محور اهتمامهم، حيث نبتت في أذهانهم كفكرة سحرتهم بجمالها، لا كمادة لمتحف، وملهمة لمشاريع عظيمة وفتوحات عاطفية وأدبية وفنية، لا فتوحات عسكرية فقط.
كما أن هذا الولع تحوَّل إلى مشروعات حقيقية أُرسِل على إثرها مستشرقون وعلماء وجواسيس لدراسة مصر وأحوالها ومعرفة مدى مناسبة الغزو لها، وتقصِّي أحوالها وأحوال أهلها.
مؤلف كتاب الولع الفرنسي بمصر من الحلم إلى المشروع
أحمد يوسف: كاتب مصري، ولد بمدينة الإسكندرية وأتم دراسته الثانوية بها ثم انتقل إلى القاهرة، ودرس بكلية الألسن، وعمل بها معيدًا ثم مدرسًا مساعدًا، وحصل عام 1992 على الدكتوراه من جامعة السوربون عن رسالة “مصر في الخيال الجمعي الفرنسي”.
له مجموعة من المؤلفات، أهمها: “كتوكتو المصري”، و”الأسرار السبعة لمكتبة الإسكندرية”، و”نابليون ومحمد”، وكلها نشرت في فرنسا.