نابليون بونابرت
نابليون بونابرت
تم تكليف نابليون بونابرت (قاهر النمساويين والإيطاليين) من قبل حكومة المديرين بتجهيز حملة على مصر في سرية تامة، رغبةً من الحكومة في ضرب إنجلترا في قلب إمبراطوريتها البحرية، وربما لإشباع طموحات نابليون أو لإقصائه نهائيًّا من الساحة السياسية، ولم تكن هذه هي الدوافع الوحيدة، بل كانت حكومة المديرين غير قادرة على مواجهة الأزمات الاقتصادية المتزايدة؛ فقرَّرت تحويل اهتمام الشعب عن المشكلات الداخلية بإرسال هذه الحملة.
كما أن وزير الخارجية تاليراند وجد مجموعة من التقارير والتحقيقات عن موضوع مصر أقدمها تقرير لبيتنز فاستغل الفرصة وقدم تقريرًا للحكومة ذكر فيه أن غزو الرومان لمصر أدى إلى انحطاطها، أما غزو الفرنسيين فسيكون سببًا في ازدهارها، وأن الحكومات السابقة تغذَّت طويلًا بمشروع الغزو، غير أنها كانت أضعف من تحقيقه، وعلى إثر هذا غيَّرت الحكومة وجهتها من أيرلندا إلى مصر.
وعلى الفور وفي سرية تامة جهز نابليون جيشه واتجه بأسطول كبير مكون من مائتي سفينة ونحو ثلاثين ألف رجل ناحية مالطة، سرعان ما هزمت، ثم اتجه من فوره إلى ميناء الإسكندرية، ونتيجة وصوله إلى مينائها اشتد ضجر وخوف عامة أهل الإسكندرية وأعيانهم؛ فخرجوا منها في ظلمة الليل واستمروا في السير طول ليلة الأحد وصباحها، وأخذ كل إنسان ما قدر على حمله من متاع ومال، أما في القاهرة فقد حاول الجنود استمالة أهلها، فدخل قليل منهم إليها ومشوا في أسواقها دون سلاح ولا عتاد، بل صاروا يضاحكون الناس، و يشترون ما يحتاجون إليه بأعلى ثمن، قياسًا على أسعار بلادهم وأثمان بضائعهم.
ولما رأى العامة منهم هذا أنسوا بهم، واطمأنوا لهم، وخرجوا إليهم بمأكولات وبضائع شتى، وصاروا يبيعون إليهم بما أحبوا من الأسعار، وفتح أغلب السوقة الحوانيت والمقاهي، وفتح النصارى دكاكين لبيع أنواع الأشربة والخمر، وفتح بعض الفرنجة البلديين بيوتًا يصنعون فيها أنواع الأطعمة والأشربة كما تصنع في بلادهم، وفتحوا حوانيت لاستقبال الجند فيها، كما أنشأ الفرنسيون “الديوان”؛ وهو مجلس يحكم المدينة يتكون أعضاؤه من الأعيان وشيوخ الأزهر، وبهذا ولأول مرة منذ قرون يدير رجال من أصول مصرية بلادهم.
الفكرة من كتاب الولع الفرنسي بمصر من الحلم إلى المشروع
يتحدث هذا الكتاب عن أسباب ولع الفرنسيين بمصر على مر التاريخ، وكونها محور اهتمامهم، حيث نبتت في أذهانهم كفكرة سحرتهم بجمالها، لا كمادة لمتحف، وملهمة لمشاريع عظيمة وفتوحات عاطفية وأدبية وفنية، لا فتوحات عسكرية فقط.
كما أن هذا الولع تحوَّل إلى مشروعات حقيقية أُرسِل على إثرها مستشرقون وعلماء وجواسيس لدراسة مصر وأحوالها ومعرفة مدى مناسبة الغزو لها، وتقصِّي أحوالها وأحوال أهلها.
مؤلف كتاب الولع الفرنسي بمصر من الحلم إلى المشروع
أحمد يوسف: كاتب مصري، ولد بمدينة الإسكندرية وأتم دراسته الثانوية بها ثم انتقل إلى القاهرة، ودرس بكلية الألسن، وعمل بها معيدًا ثم مدرسًا مساعدًا، وحصل عام 1992 على الدكتوراه من جامعة السوربون عن رسالة “مصر في الخيال الجمعي الفرنسي”.
له مجموعة من المؤلفات، أهمها: “كتوكتو المصري”، و”الأسرار السبعة لمكتبة الإسكندرية”، و”نابليون ومحمد”، وكلها نشرت في فرنسا.