نصائح الإمام الغزالي لتلميذه
نصائح الإمام الغزالي لتلميذه
هذه النصائح يجب أن تكون وصايا من كل المربين وأولياء الأمور إلى من تحت رعايتهم، وهذه النصائح هي أن تدع المناظرة والجدال لأنها منبع للمباهاة والتفاخر والرياء وتولد الكره والعداوة، وأن تنظر جيدًا إن كنت في موضوع يجب عليك فيه إظهار الحق حتى لا يضيع ويندثر فيجوز في هذه الحالة أن تجادل الناس، ولكنَّ لها شروطًا: أن تفعل هذا في الخفاء ويكون الخفاء أحب إليك من العلن، وألا تحزن إذا انكشف الحق على لسان غيرك؛ بمعنى أن يكون همك الوحيد هو ظهور الحق وليس ظهورك أنت به!
ويخبرنا الإمام الغزالي أن الجهل كالمرض وهو أربعة أنواع أحدها يقبل العلاج والباقي لا يقبل، أما الذي لا يقبل فهو مرض الجهل والحسد، بمعنى أن السائل لا ترضيه أي إجابة عن سؤاله مهما كانت فصيحة ويزداد حقدًا عليك ويكون علاجه أن تتركه ولا تجيبه، وثاني نوع هو الجاهل الأحمق الذي يتسرَّع في الأسئلة التي تعترض العالم ويُقال إنه أحمق لأنه لم يفكر في الكلام قبل قوله وهذا أيضًا غير قابل للعلاج، وثالث نوع هو قليل الفهم، ورابع نوع هو الجهل القابل للعلاج وهو يكون الشخص العاقل الذي يسأل ويعترض لا ليباهي أو يفاخر ولا لحسد أو حقد عنده، بل ليستفيد فقط والواجب حينها إجابة سؤاله والالتفات إليه.
واحذر من أن تعظ الناس وأنت لا تعظ نفسك فهذا فيه من النفاق، واحذر التكلف وإظهار ما ليس فيك سواء كان بالعبارات والأشعار والنصائح لأن التكلف يدل على فساد ما بداخلك، والوعظ الحقيقي يكون بتذكير الناس بالآخرة والأوامر والنواهي مع عدم رغبتك في أن يمدحوا مجلسك، بل أن يحذروا الآخرة ويرجعوا عن المعاصي ويحرصوا على الخيرات، وألا تخالط السلاطين ولا تقبل هداياهم ويجب أن تحذر من العالم السيئ، والمهم في طلبك للعلم أن تختار العلوم المصلحة للقلوب أولًا مثل علم أحوال القلوب، وهو فرض عين ليس مثل باقي العلوم التي هي فرض كفاية إلا المقدار الذي تقيم به شعائر الله، وآخر نصيحة هي أن ترضى ولا تجمع ما يزيد على حد كفايتك.
الفكرة من كتاب أيها الولد
قد تأتي علينا جميعًا فترات نظن أن العمرَ يتسرَّبُ منا، وأنه يمضي دون أن نحقِّق أي شيء لأنفسنا، نزهد في العمل والعبادات وكل شيء، ونسأل أنفسنا جديًّا: “ما الجدوى من الحياة؟”، ونمر بظروف سيئة أحيانًا تجعلنا نفقد الشعور بأنفسنا، أو نحتاج إلى يد تربت على أكتافنا، تشعرنا أننا حقيقيون، وأن الله هنا، معنا، يسمعنا ويشعر بنا، ويرسل إلينا الطمأنينة على هيئة بشر ينصحوننا ويكونون تأكيدًا ودليلًا على لطف الله.
في هذا الكتاب يأتي الإمام الغزالي معلمًا وناصحًا أمينًا يعلمك كيف تكون النصيحة التي تساعد غيرك وتخرجه من التيه وتطمئن قلبه، أو تزجره في وقت الحاجة، ومتى يجب أن تتوقف عن النصيحة، وآداب طلب العلم، والأعمال الصالحة والطالحة، وكيف تتخلَّص من الفتور.
مؤلف كتاب أيها الولد
أبو حامد الغزالي هو محمد بن محمد بن محمد أحمد الطوسي المعروف بالغزالي، ولد بطوس سنة 450 هجريًّا، وكان والده يغزل الصوف ويبيعه في دكانه بطوس، وهو أشهر علماء المسلمين في القرن الخامس الهجري ولُقِّب بحجة الإسلام لأنه كان ضليعًا في علم الكلام والرد على الفلاسفة، كان فقيهًا وأصوليًّا وفيلسوفًا، وكان صوفي الطريقة، شافعي الفقه، وعلى مذهب الأشاعرة في العقيدة، وكان من المؤسسين للمدرسة الأشعرية في علم الكلام وأحد أصولها الثلاثة بعد أبي الحسن الأشعري.
ترك العديد من الكتب في الفقه والتصوف وعلم الكلام والفلسفة والمنطق، ومن أبرز مؤلفاته: “إحياء علوم الدين”، و”تهافت الفلاسفة”، و”كيمياء السعادة”، و”جدِّد حياتك”، و”خلق المسلم”، و”السنة النبوية بين أهل الفقه والحديث”، و”الاقتصاد في الاعتقاد”، وغيرها.