صفات المُربي الصالح وكيفية التعامل معه
صفات المُربي الصالح وكيفية التعامل معه
في الطريق إلى الله ستواجه الكثير من العقبات، وستجد نفسك بين اختبارات توضِّح صدق إيمانك من عدمه، وستُختبر في أشد ما تحب ليظهر صبرك وصدقك وجوهرك الحقيقي، لكنك لن تقدر على كل هذا وحدك، فينبغي للسالك الحق أن يستعين بمربٍّ صالح أو شيخ يعلمه ويربيه، والتربية مثل الزراعة تبدأ بتنقية الأرض من الآفات ثم زرع الطيب فيها، وكذلك الإنسان يجب أن يتطهَّر من الصفات السيئة ويجعل مكانها أخلاقًا حسنة.
وللمربي صفات يجب أن يتحلى بها حتى يصح اقتداؤه بمعلم الأمة كلها؛ الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وأولاها: أن يكون مستغنيًا عن الدنيا بجاهها وترفها ولا يريد بالعلم رفعة دنيوية بل رفعة أخروية، وثانيتها: أن يكون مُتعلمًا على يد شيخ بصير تابع لمعلم الأمة، وثالثتها: أن يهتم برياضة نفسه وترويضها من قلة الأكل والنوم والكلام وكثرة الصيام والحركة، والرابعة أن يتحلى بمكارم الأخلاق ويكون معروفًا بها.
وعندما تجد هذا الشيخ فهناك صفات يجب أن تتحلى بها، وتبدأ بالاحترام الظاهر الذي يعني ألا تجادله أو تناقشه في أمر حتى لو علمت خطأه، ولا تشتغل بالصلاة في وجوده، بل أكثر من الاستفادة منه، وتطيعه فيما يأمرك، ثم عليك بالاحترام الباطن بمعنى أن توافقه من داخلك ومن خارجك، فلا ينبغي أن تُظهر المواقفة وأنت منكر لها من داخلك، فهذا من النفاق.
ويجب أن تتحلَّى بالصوفية الحقة، وهي بعيدة عن الخرافات الشائعة فمعناها الاستقامة في الطريق إلى الله، والحلم مع الناس ومعاملتهم بما يحبون لا بما تحب أنت، وأن تتحلَّى بالعبودية الحقة وهي المحافظة على أوامر الشرع واحترامه، والرضا بما قسمه الله لك، والتضحية بهوى ورضا نفسك في سبيل رضا الله، وبعدها التوكل الحق، وهو أن تدرك أن ما كتبه الله لك قائمٌ لا محالة حتى لو وقف ضده أهل الأرض جميعًا، وأهم ركن هو الإخلاص، أي أن يكون عملك كله لله لا تتأثر بمدح الناس أو ذمهم حتى لا يدخل الرياء قلبك، فالناس لا تملك لك ضرًّا ولا نفعًا.
الفكرة من كتاب أيها الولد
قد تأتي علينا جميعًا فترات نظن أن العمرَ يتسرَّبُ منا، وأنه يمضي دون أن نحقِّق أي شيء لأنفسنا، نزهد في العمل والعبادات وكل شيء، ونسأل أنفسنا جديًّا: “ما الجدوى من الحياة؟”، ونمر بظروف سيئة أحيانًا تجعلنا نفقد الشعور بأنفسنا، أو نحتاج إلى يد تربت على أكتافنا، تشعرنا أننا حقيقيون، وأن الله هنا، معنا، يسمعنا ويشعر بنا، ويرسل إلينا الطمأنينة على هيئة بشر ينصحوننا ويكونون تأكيدًا ودليلًا على لطف الله.
في هذا الكتاب يأتي الإمام الغزالي معلمًا وناصحًا أمينًا يعلمك كيف تكون النصيحة التي تساعد غيرك وتخرجه من التيه وتطمئن قلبه، أو تزجره في وقت الحاجة، ومتى يجب أن تتوقف عن النصيحة، وآداب طلب العلم، والأعمال الصالحة والطالحة، وكيف تتخلَّص من الفتور.
مؤلف كتاب أيها الولد
أبو حامد الغزالي هو محمد بن محمد بن محمد أحمد الطوسي المعروف بالغزالي، ولد بطوس سنة 450 هجريًّا، وكان والده يغزل الصوف ويبيعه في دكانه بطوس، وهو أشهر علماء المسلمين في القرن الخامس الهجري ولُقِّب بحجة الإسلام لأنه كان ضليعًا في علم الكلام والرد على الفلاسفة، كان فقيهًا وأصوليًّا وفيلسوفًا، وكان صوفي الطريقة، شافعي الفقه، وعلى مذهب الأشاعرة في العقيدة، وكان من المؤسسين للمدرسة الأشعرية في علم الكلام وأحد أصولها الثلاثة بعد أبي الحسن الأشعري.
ترك العديد من الكتب في الفقه والتصوف وعلم الكلام والفلسفة والمنطق، ومن أبرز مؤلفاته: “إحياء علوم الدين”، و”تهافت الفلاسفة”، و”كيمياء السعادة”، و”جدِّد حياتك”، و”خلق المسلم”، و”السنة النبوية بين أهل الفقه والحديث”، و”الاقتصاد في الاعتقاد”، وغيرها.