كيف ترتقي في طريقك إلى الله؟
كيف ترتقي في طريقك إلى الله؟
في البداية يجب أن تعرف أن بعض المراتب والمعاني لا تُدرَك إلا بالوصول إليها، وأنك مهما سألت عنها لن تفهمها إلا بالتجريب كلذَّة رضا الله عنك، ولا تستطيع أن تسأل أحدهم عن طعم الرضا أو معناه وكيف يكون، كما لا تستطيع أن تسأل أحدهم: ما معنى المذاق المالح أو الحلو؟ فإنك لن تفهم الإجابة إلا بالتجربة، لذلك فإن أولى خطواتك في الطريق إلى الله قد لا يخبرك بها أحد أو لا يستطيع أحد أن يصفها لك، لكنها يجب أن تنبع من داخلك وهو الصدق.
والخطوة التالية تبدأ بالاعتقاد الصحيح الذي يكون معياره القرآن والسنة، ثم التوبة عن كل ما سبق، ثم تصفية الأمور مع خصومك بحيث لا تترك فرصة لأحد أن يقتصَّ منك أو يكون له عندك حق في الآخرة، وأخيرًا أن تطلب العلم الشرعي بالقدر الذي يعينك على أداء أمور الدنيا، فما زاد على ذلك فهو تطوع وليس واجبًا، ويجب أن تنتقي من العلم ما فيه خلاص لك في الآخرة ويكفيك في الدنيا كما فعل الشبلي (رحمه الله) حين قرأ أربعة آلاف حديث، ثم اختار منها حديثًا واحدًا لأنه وجده جامعًا لأمور الدنيا والآخرة معًا فاكتفى به، والحديث يقول: “اعمل لدنياك بقدر مقامك فيها، واعمل لآخرتك بقدر بقائك فيها، واعمل لله بقدر حاجتك إليه، واعمل للنار بقدر صبرك عليها”.
فإذا عملت بما في هذا الحديث سيغنيك عن الكثير، لكنك فقط ستحتاج إلى بعض الإشارات التي ستُبصرك بحقيقة الحياة، وأولاها أنك لن تدخل القبر إلا بعملك الصالح الذي سيكون رفيقك الوحيد، فلا تبالغ في حب البشر، وثانيتها أن تربي نفسك وتخالف هواها حتى تكون الجنة هي مأواك، وثالثتها أن تجعل كل ما تملك لله، وبعدها تدرك أن تقوى الله هي الشرف الحقيقي، وأن ترضى بما قسمه الله لك ولا تحسد أحدًا على رزقه، ولا تتخذ عدوًّا إلا الشيطان، ولا تطلب الرزق بمعصية الله فإن ما عند الله لايُنال إلا بطاعته، وتوكَّل عليه دائمًا.
الفكرة من كتاب أيها الولد
قد تأتي علينا جميعًا فترات نظن أن العمرَ يتسرَّبُ منا، وأنه يمضي دون أن نحقِّق أي شيء لأنفسنا، نزهد في العمل والعبادات وكل شيء، ونسأل أنفسنا جديًّا: “ما الجدوى من الحياة؟”، ونمر بظروف سيئة أحيانًا تجعلنا نفقد الشعور بأنفسنا، أو نحتاج إلى يد تربت على أكتافنا، تشعرنا أننا حقيقيون، وأن الله هنا، معنا، يسمعنا ويشعر بنا، ويرسل إلينا الطمأنينة على هيئة بشر ينصحوننا ويكونون تأكيدًا ودليلًا على لطف الله.
في هذا الكتاب يأتي الإمام الغزالي معلمًا وناصحًا أمينًا يعلمك كيف تكون النصيحة التي تساعد غيرك وتخرجه من التيه وتطمئن قلبه، أو تزجره في وقت الحاجة، ومتى يجب أن تتوقف عن النصيحة، وآداب طلب العلم، والأعمال الصالحة والطالحة، وكيف تتخلَّص من الفتور.
مؤلف كتاب أيها الولد
أبو حامد الغزالي هو محمد بن محمد بن محمد أحمد الطوسي المعروف بالغزالي، ولد بطوس سنة 450 هجريًّا، وكان والده يغزل الصوف ويبيعه في دكانه بطوس، وهو أشهر علماء المسلمين في القرن الخامس الهجري ولُقِّب بحجة الإسلام لأنه كان ضليعًا في علم الكلام والرد على الفلاسفة، كان فقيهًا وأصوليًّا وفيلسوفًا، وكان صوفي الطريقة، شافعي الفقه، وعلى مذهب الأشاعرة في العقيدة، وكان من المؤسسين للمدرسة الأشعرية في علم الكلام وأحد أصولها الثلاثة بعد أبي الحسن الأشعري.
ترك العديد من الكتب في الفقه والتصوف وعلم الكلام والفلسفة والمنطق، ومن أبرز مؤلفاته: “إحياء علوم الدين”، و”تهافت الفلاسفة”، و”كيمياء السعادة”، و”جدِّد حياتك”، و”خلق المسلم”، و”السنة النبوية بين أهل الفقه والحديث”، و”الاقتصاد في الاعتقاد”، وغيرها.