نصائح لأهل العلم
نصائح لأهل العلم
من الضروري معرفة أن المرجع الأساسي لنا باعتبارنا مسلمين بعد القرآن هو السُّنة ونصائح رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وإذا التزمنا بأقواله فلا حاجة لنا بأي نصائح أخرى، وقد تغيب هذه الفكرة عن الناس فيقعون تحت رحمة الهوى ويُجعلونه معيارًا لهم بالإضافة إلى العادات والتقاليد، وهذا إن دلَّ على شيء فسيدل على الضياع الشديد وعدم معرفة السبب الذي خلقنا له، والذي يجب أن يكون سعينا في الحياة لأجله، وقد يكون الابتعاد عن هذا المنهج القويم والاشتغال بهدف غير الذي خلقنا الله له هو علامة على إعراض الله عن خلقه.
ومن أولى النصائح لأهل العلم أن يراقبوا أعمالهم الصالحة والطالحة، لأن من بلغ سن الأربعين دون أن يغلب الخير على أعماله فيجب عليه الحذر والخوف حتى لا يلقى جزاءً عسيرًا في الآخرة، فسن الأربعين يعتبر بمثابة إشارة حمراء لتنتبه لأعمالك، وثاني نصيحة هي ألا تظن أنك بمجرد طلبك للعلم وسعيك للإكثار منه أنه سيكون شفيعًا لك يوم القيامة، أو سيغنيك عن العمل بكل ما تعرفه، فطلب العلم له فضل كبير في الدنيا والآخرة لكنه دون عمل سيكون حجة على حامله، وسيكون أكثر الناس عذابًا يوم القيامة إن لم يعمل بما تعلم، فما فائدة وجود الأدوية إن لم يستخدمها المريض في مرضه؟ وما فائدة العلم الذي يحصِّله الإنسان إذا لم يعمل به في حياته؟
ويجب العلم أن من يُعِرض عن عبادة الله يُعرض الله عنه، ومن يتمنَّى الجنة دون عمل فهو محض خاسر فهو يتمنى على الله، ومن يتمسك بالعبادة رغم ابتلاءات الحياة يعطيه الله من كرمه، مع ضرورة وجود حسن الظن بالله، وعدم الغرور، وثالث نصيحة أن تراقب نيتك عند طلب العلم؛ فإذا كنت تطلبه لترتقي في الحياة ويدوم ذكرك، وتتباهى به، فلن تُحَصِّلَ شيئًا من ثواب الآخرة، وإن كانت نيتك هي إحياء الدين وإظهار صورة جيدة عنه بإظهارك لخلقك الحسن ونفسك المتواضعة، فتدخل الجنة وتُثاب على علمك، وأهم نصيحة أن تنتقي العلم الذي سينفعك في آخرتك وترتيب أولوياتك.
الفكرة من كتاب أيها الولد
قد تأتي علينا جميعًا فترات نظن أن العمرَ يتسرَّبُ منا، وأنه يمضي دون أن نحقِّق أي شيء لأنفسنا، نزهد في العمل والعبادات وكل شيء، ونسأل أنفسنا جديًّا: “ما الجدوى من الحياة؟”، ونمر بظروف سيئة أحيانًا تجعلنا نفقد الشعور بأنفسنا، أو نحتاج إلى يد تربت على أكتافنا، تشعرنا أننا حقيقيون، وأن الله هنا، معنا، يسمعنا ويشعر بنا، ويرسل إلينا الطمأنينة على هيئة بشر ينصحوننا ويكونون تأكيدًا ودليلًا على لطف الله.
في هذا الكتاب يأتي الإمام الغزالي معلمًا وناصحًا أمينًا يعلمك كيف تكون النصيحة التي تساعد غيرك وتخرجه من التيه وتطمئن قلبه، أو تزجره في وقت الحاجة، ومتى يجب أن تتوقف عن النصيحة، وآداب طلب العلم، والأعمال الصالحة والطالحة، وكيف تتخلَّص من الفتور.
مؤلف كتاب أيها الولد
أبو حامد الغزالي هو محمد بن محمد بن محمد أحمد الطوسي المعروف بالغزالي، ولد بطوس سنة 450 هجريًّا، وكان والده يغزل الصوف ويبيعه في دكانه بطوس، وهو أشهر علماء المسلمين في القرن الخامس الهجري ولُقِّب بحجة الإسلام لأنه كان ضليعًا في علم الكلام والرد على الفلاسفة، كان فقيهًا وأصوليًّا وفيلسوفًا، وكان صوفي الطريقة، شافعي الفقه، وعلى مذهب الأشاعرة في العقيدة، وكان من المؤسسين للمدرسة الأشعرية في علم الكلام وأحد أصولها الثلاثة بعد أبي الحسن الأشعري.
ترك العديد من الكتب في الفقه والتصوف وعلم الكلام والفلسفة والمنطق، ومن أبرز مؤلفاته: “إحياء علوم الدين”، و”تهافت الفلاسفة”، و”كيمياء السعادة”، و”جدِّد حياتك”، و”خلق المسلم”، و”السنة النبوية بين أهل الفقه والحديث”، و”الاقتصاد في الاعتقاد”، وغيرها.