استغلال العمر في الطاعات
استغلال العمر في الطاعات
وعد الله تعالى الطائعين بجنات النعيم، وذلك رحمة منه وفضل لا باستحقاقهم لهذا الوعد، ومن تجليات العدل الإلهي عدم مساواة من كان قد بذل جهدًا ومالًا عظيمين مع من بذل جهدًا ومالًا أقل، ولهذا أنشأ الله (تبارك وتعالى) لعباده جنات مختلفة الدرجات، متفاوتة المنازل، وحثَّ عباده على طلب الدرجات العالية، فقال جل من قائل: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24) يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “إن في الجنة لغرفًا يرى ظهورها من بطونها، وبطونها من ظهورها فقالوا: لمن يا رسول الله؟ قال (عليه الصلاة والسلام): لمن أطاب الكلام، وأفشى السلام، وأطعم الطعام، وداوم على الصيام، وصلَّى بالليل والناس نيام”.
ولذا من الأفضل لثقات العصر أن يسعوا بكل ما أوتوا من قوة ومواهب إلى تلك الدرجات العاليات، وترك السعي إلى تلك الدرجات من أكبر مظاهر العجز، ففي الدنيا لا يرضى المرء أبدًا أن يسبقه صاحبه بمرتبة ولا بمال، أفيرضى أن يسبقه أصحابه إلى الجنة والدرجات العالية؟ لكن زُخرِفت الدنيا وأُُظهِر جمالها، وغاب جمال الآخرة، فسعى الموفقون إلى عِظَم الآخرة، وبقي المحرومون في جمال الدنيا الذاهب.
وترك العمل واستمرار العجز قد يؤدي إلى البعد عن الثبات، لأن استمرار العاجز في عجزه، قد يزيِّن له حاله وما هو عليه من الراحة وترك المعالي، ويرغب في حال الجاهلية، فيأنس إليهم، ويسعى إلى التأسِّي بخصالهم، فيبتعد عن الالتزام، وهذا ليس من باب المبالغة، بل هي حقيقة موجودة في دنيا الناس، وهذا الانسلاخ من الثبات الذي يلي العجز، نتيجة شبة متوقَّعة تصاحب العاجز لأنه يصبح فارغًا لا همَّ لديه ولا عمل، ولا فكر يملأ الحياة، والفراغ آفة عظيمة، إذا أضيف إليها الشباب والمال سرَّع ذلك من انسلاخ ثبات المرء وفساد قلبه.
الفكرة من كتاب عجز الثقات
يعيش عموم المسلمين اليوم حالة من ضعف الهمة والكسل والعجز من القيام بما هو مطلوب منهم في هذه الحياة الدنيا، فيمضي بهم العمر دون أثرٍ يُذكر أو عملٍ يُشكر، فما أسباب العجز وأنواعه، ونتائجه، وكيف السبيل إلى التخلص منه؟ هذا ما يجيب عنه هذا الكتاب.
مؤلف كتاب عجز الثقات
محمد موسى الشريف: من مواليد جدة بالسعودية عام 1318 هجريًّا، يعدُّ من القلائل في العالم العربي الذين جمعوا بين فنون عدة، حصل على الدكتوراه في الكتاب والسنة، وهو عضو لجنة الدعوة والقرآن الكريم بهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية سابقًا، ويعمل حاليًّا قائد طائرة في الخطوط الجوية السعودية، ومقدم برامج في التلفزيون السعودي، وله العديد من المؤلفات، منها:
الثبات.
مذكِّرات طيار.
الثقافة الآمنة.
الهمَّة طريق إلى القمة.