أهمية العمل وترك العجز
أهمية العمل وترك العجز
يعدُّ العمل على رفعة دين الله والتمكين له في الأرض أمرًا عظيمًا، فهو من عمل الأنبياء والمرسلين والمصلحين، ويكافئ الله تعالى العاملين به مكافأة عظيمة في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا يثبتهم الله وينصرهم ويربط على قلوبهم، ويطرد وساوس الشيطان عنهم، يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾، وفي الآخرة تقتصر الدرجات العالية عليهم، ويكافئون بمرافقة الأنبياء، وتكرار النظر إلى وجه الله الكريم، أما العاجزون فتظل حياتهم بين كسل ووساوس وشبهات واعتراضات حتى يدركهم الموت وهم على ذلك، وكل من العامل والغافل في الأساس يعمل لنفسه، يقول الله تعالى: ﴿مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾.
وهناك العديد من الجوانب التي توضِّح مدى أهمية استغلال العمر، وأن ضياعه سيفوِّت خيرًا كبيرًا جدًّا، وتتضح تلك الجوانب في المقام الأول في قصر الزمان المتاح للعمل الصالح، فأكثر الصالحين العاملين لم يلتزم طريق الصلاح إلا في حدود سن العشرين تقريبًا، وهذا يعني فوات ثلث العمر تقريبًا هباءً منثورًا، يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): “عمر أمَّتي من ستين سنة إلى سبعين”.
وقد يقضي المرء ثلث حياته في النوم، وهناك من ينام أكثر من ذلك! وثلث حياته في العمل، وهذا معدل معتدل أيضًا، فبعض الناس يعملون عملين أو أكثر، فيتبقى إذن للإنسان الذي يعيش ستين عامًا ثلاثة عشر عامًا تقريبًا يقضي فيها فرائضه الدينية وشؤونه الدنيوية من زواج ورعاية أولاد، وزيارة أقارب وأصدقاء، وطعام وشراب والكثير، فكم يتبقَّى إذن للتنافس مع المتنافسين في شؤون الآخرة والتسابق إلى نعيمها؟
لهذا كان السلف يقلِّلون ساعات النوم وقضاء الحاجات، ليتوافر لهم أكبر وقت ممكن للعمل على رفعة دين الله، ومن أكثر الأمثلة الواضحة في هذا الأمر سيرة الإمام النووي (رحمه الله تعالى)، حيث ضُرب به المثل في سعيه إلى طلب العلم ليلًا ونهارًا.
الفكرة من كتاب عجز الثقات
يعيش عموم المسلمين اليوم حالة من ضعف الهمة والكسل والعجز من القيام بما هو مطلوب منهم في هذه الحياة الدنيا، فيمضي بهم العمر دون أثرٍ يُذكر أو عملٍ يُشكر، فما أسباب العجز وأنواعه، ونتائجه، وكيف السبيل إلى التخلص منه؟ هذا ما يجيب عنه هذا الكتاب.
مؤلف كتاب عجز الثقات
محمد موسى الشريف: من مواليد جدة بالسعودية عام 1318 هجريًّا، يعدُّ من القلائل في العالم العربي الذين جمعوا بين فنون عدة، حصل على الدكتوراه في الكتاب والسنة، وهو عضو لجنة الدعوة والقرآن الكريم بهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية سابقًا، ويعمل حاليًّا قائد طائرة في الخطوط الجوية السعودية، ومقدم برامج في التلفزيون السعودي، وله العديد من المؤلفات، منها:
الثبات.
مذكِّرات طيار.
الثقافة الآمنة.
الهمَّة طريق إلى القمة.