وشهد شاهد من أهلها
وشهد شاهد من أهلها
وقد كانت شهادات أصحاب الديانات الأخرى أنفسهم خير شاهد على سماحة المسلمين، وفي تاريخ يوحنا النقيوسي وكان معاصرًا لزمن الفتح الإسلامي لمصر، يقول إن الإسلام حرَّر النصارى من قهر الرومان، وإن هزيمة الرومان على يد المسلمين كانت انتقامًا إلهيًّا لظلمهم، وأما البطريرك القبطي بنيامين فقد قال عن زمن الفتح: “لقد وجدت في الإسكندرية زمن النجاة والطمأنينة اللتين كنت أنشدهما بعد الاضطهادات والمظالم التي قام بتمثيلها الظلمة المارقون”، لذا وفي السنة الخامسة والعشرين للهجرة لما حاول الروم إعادة غزو مصر، هبَّ الأقباط للقتال في صفوف الجيش المسلم ضد الهجوم الروماني النصراني، ويقول المستشرق الإنجليزي سير توماس في كتابه الدعوة إلى الإسلام: “إنه من الحق أن نقول إن غير المسلمين قد نعموا بوجه الإجمال في ظل الحكم الإسلامي بدرجة من التسامح لا نجد لها معادلًا في أوروبا قبل الأزمنة الحديثة”.
بيد أن هناك حربًا إعلامية وسياسية وفكرية ضد الإسلام وأمته يشنُّها الغرب منذ زمن، وقبل حتى أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي ضاعفت اللهجات المعادية، وما يُستغَلُّ في هذه الحرب هو الخلط الشديد والمنكر بين مصطلحات الجهاد والقتال والإرهاب، بسبب نظر الغرب إليها بمنظورهم هم، لا بمنظورنا، فالمصطلحات قد تكون واحدة بينما مضمونها بعيد كل البعد باختلاف المرجعية والتوجُّه الفكري، لذا فقد رأوا الخلافة الإسلامية في صورة هيمنة الكنيسة وحكمها بالحق الإلهي وتفويض الرب، ورأوا الجهاد الإسلامي بأعينهم حربًا دينية مقدَّسة كما عهدوها في حروبهم الصليبية.
الفكرة من كتاب السماحة الإسلامية
تعني السماحة اللين والتساهل والعطاء غير المحدود دون انتظار لأي مقابل، وهي في النهج الإسلامي دين ووحي من الله، يرسمه لنا نموذجًا وتطبيقًا نبيه الكريم (ﷺ)، فالسماحة من ثمار هذا الدين العظيم وهي باقية ببقائه حتى تقوم الساعة.
يقف المؤلف في هذا الكتاب على حقيقة السماحة، ومصطلحات الجهاد والقتال والإرهاب ليفصِّل موقف الإسلام منها، ويفنِّد الادعاءات التي يُرمى بها الإسلام بغير ما فيه.
مؤلف كتاب السماحة الإسلامية
محمد عمارة (1931 – 2020): كاتب ومفكر إسلامي مصري، كان عضوًا بهيئة كبار علماء الأزهر، ومجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، وعضوًا بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، وعضوًا بالمعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن، كما كان عضوًا باللجنة التأسيسية لدستور 2012 في مصر، ينتمي إلى المدرسة الوسطية التي يدعوها “الوسطية الجامعة”، ترك إرثًا كبيرًا من الكتب يزيد على مائة وأربعين كتابًا، منها:
الإسلام والثورة.
أزمة العقل العربي.
الحضارات العالمية: تدافع أم صراع.
الجامعة الإسلامية والفكرة القومية.