الشعور بالفشل
الشعور بالفشل
الفشل تجربة إنسانية عامة، فلا أحد وصل إلى مكانه أيًّا كان إلا وجرَّب الفشل على الأقل مرة واحدة، وكلما تقدم به العمر ينتظر المزيد من هذه التجارب، والذي يميز الواحد عن الآخر ليس عدد تجارب الفشل التي مرَّ بها، بل طريقة استجابته للفشل الحادث، ويظهر الجميع ردود فعل مختلفة عند الفشل، فالبعض يُشعر بالإحباط لدرجة اليأس والاستسلام، والبعض يفشل ولكنه يظل يحاول حتى النجاح، والبعض يصيبه التوتر الشديد لدرجة عدم قدرته على التفكير والتحكم في مشاعره، وقد ينفجر في البكاء في أي لحظة.
وكيفية تعامل كل واحدٍ مع الفشل أمر مهم لنجاحه في الحياة وسعادته العامة، فإذا اعتبر أحدهم الفشل خطوة على الطريق تعرِّفه على ما يريده بالفعل، يكون الفشل هنا مفيدًا وتربويًّا، ويستمد المرء طريقة تعامله مع الفشل من أيام الطفولة، ولذلك من المهم فهم المرء لأثر الفشل والجروح النفسية التي يسبِّبها، ويبحث عن أساليب للتعامل معه أكثر صحة من الناحية النفسية، حيث يسبب الشعور بالفشل بعض الإصابات النفسية التي تضر تقدير المرء لذاته، فيتشكَّك في قدراته، ومهاراته، وتتشوَّه ثقته بنفسه، ويصبح أقل تفاؤلًا، وتستحوذ عليه أفكار من قبيل “إنني أنا الفاشل”، “ليس لديَّ الذكاء الكافي” إلى آخر ذلك، وكل ذلك يضر بأهدافه المستقبلية، ويهدِّد سعادته بالكامل، وبالنسبة إلى البعض لا يرتبط الفشل بخيبة الأمل والإحباط، بل يرتبط بمشاعر الخجل والإحراج من الآخرين، فيضطر إلى تقليل سقف نجاحه، فيلحقه الفشل حيثما كان.
وأغلب تجارب الفشل تمر بسلام، حتى ولو ظلت تؤلم صاحبها لفترة، ولكن عندما يفشل المرء باستمرار، أو تكون استجابته على تجارب الفشل بطرق تعمل على التقليل من تقدير ذاته، يستلزم تطبيق بعض الإسعافات الأولية، كالحصول على الدعم من المقربين، والتركيز على الأمور التي يستطيع المرء التحكم فيها، وتحمل المسؤولية من خلال الاعتراف بالفشل، والمخاوف التي تتولَّد عنه، وإلهاء النفس بعيدًا عن الضغط الحاصل بسبب الخوف من الفشل، عن طريق التصفير أو التمتمة مع الذات.
الفكرة من كتاب الإسعافات العاطفية الأولية
الجميع معرض للإصابة بجروح نفسية تمامًا كما يصابون بجروح جسدية، فالفشل والشعور بالذنب والوحدة كلها جزء من الحياة نفسها، وبما أن الجرح الملوث يحتاج إلى تطهيره، فأيضًا هذه الخدوش النفسية بحاجة إلى إسعافات أولية للأسف غير موجودة على الإطلاق، مما زاد من أثر خطورة مشاعر كانت في البداية طفيفة جدًّا، لكن نتيجة لتجاهلها، ازداد الأمر سوءًا.
وفي هذا الكتاب يحاول الكاتب وصف بعض الجراح النفسية الشائعة اليومية، كالرفض والفقد، ويقدم أيضًا بعض الأساليب المتعددة للأسعافات الأولية التي يمكن أن يطبِّقها المرء، لكي يُلطِّف من ألمه النفسي.
مؤلف كتاب الإسعافات العاطفية الأولية
د. جاي وينش Guy Winch: طبيب نفساني، ومتحدث، ومؤلف، حصل على درجة الدكتوراه في علم النفس العيادي من جامعة نيويورك عام 1991 ولديه ممارسة خاصة في مانهاتن، يكتب مدونة The Squeaky Wheel لموقع PsychologyToday.com، له العديد من المؤلفات، ومنها:
كيف تعافي قلبًا محطمًا؟!
The Squeaky Wheel