كالسم يسري في الجسد
كالسم يسري في الجسد
يُعد الشعور بالذنب من أكثر مشاعر الاضطراب العاطفي انتشارًا، وينشأ هذا الشعور بسبب اعتقاد المرء بأنه قد ارتكب خطأ، أو تسبَّب في أذى شخص آخر، والجميع مهما كانت حسناتهم قد يتصرَّفون بطرق فيها إساءة أو جرح لشخص ما دون قصد، لكن إلى أي مدى تنتشر مشاعر الإحساس بالذنب هذه؟ أظهرت الدراسات أن هناك أناسًا يعانون ساعتين قاسيتين يوميًّا من الشعور الخفيف بالذنب، وخمس ساعات يوميًّا يعانون الشعور المعتدل بالذنب، وثلاث ساعات ونصف الساعة شهريًّا يعانون الشعور الحاد بالذنب، وهناك بعض الحالات يستمر الشعور بالذنب إلى سنوات أو عقود.
وبالتأكيد هذا الشعور غير مُفرح لصاحبه، لكنه يؤدي في بعض الأوقات دورًا إيجابيًّا في حفاظ صاحبه على معاييره الشخصية، وحماية علاقاته الاجتماعية، فمثلًا عندما يقترف المرء خطأ، يصاحبه الشعور بالذنب إلى أن يتم تصحيحه، أو عندما يشاهد المرء دموع شريكه في أثناء مشاجرة حادة، فالشعور بالذنب يجعله أكثر مرونة وصفحًا، لكن هنا الضرر يكون خفيفًا، ويحتاج إلى مجهود بسيط لتعويضه كاعتذار مثلًا، ويتوقَّف بعدها مباشرة الشعور بالذنب.
لكن يجب الأخذ في الاعتبار أيضًا أن ليس كل ما يقوم به الشعور بالذنب مفيدًا لصاحبه من الناحية النفسية، فهناك أوقات يطول فيها هذا الإحساس ويصبح مُسيطرًا على عقل المرء، وهنا يكون الموقف غير صحي، وأحد الأسباب الرئيسة ليظل هذا الشعور بلا حل، هو تفنُّن المرء في تقديم الاعتذارات أكثر من ميله إلى الاستيعاب والاعتراف بالخطأ، وسبب آخر وهو منع الظروف من إرسال المرء اعتذارًا مُجديًا، وحتى ولو كان مُجديًا، فقد يكون الضرر الحادث للآخر كبيرًا جدًّا لدرجة أنه لا يستطيع أن يغفره.
ويسبِّب الشعور المُفرط بالذنب نوعين من الجراح النفسية، أولهما التأثير في سعادة المرء الفردية، وانخفاض قدرته على التركيز في احتياجاته وواجباته، والثاني هو حلول التوتر على كل علاقات المرء، وعدم قدرته على خلق علاقة صحية، وقد يُعالج ذلك من خلال إدراك المرء لما يُحدثه هذا الشعور من تأثير في حياته، وإضرار علاقاته، ومحاولة تقديم اعتذارات فعَّالة أيًّا كانت النتيجة، ومن ثم مسامحة نفسه.
الفكرة من كتاب الإسعافات العاطفية الأولية
الجميع معرض للإصابة بجروح نفسية تمامًا كما يصابون بجروح جسدية، فالفشل والشعور بالذنب والوحدة كلها جزء من الحياة نفسها، وبما أن الجرح الملوث يحتاج إلى تطهيره، فأيضًا هذه الخدوش النفسية بحاجة إلى إسعافات أولية للأسف غير موجودة على الإطلاق، مما زاد من أثر خطورة مشاعر كانت في البداية طفيفة جدًّا، لكن نتيجة لتجاهلها، ازداد الأمر سوءًا.
وفي هذا الكتاب يحاول الكاتب وصف بعض الجراح النفسية الشائعة اليومية، كالرفض والفقد، ويقدم أيضًا بعض الأساليب المتعددة للأسعافات الأولية التي يمكن أن يطبِّقها المرء، لكي يُلطِّف من ألمه النفسي.
مؤلف كتاب الإسعافات العاطفية الأولية
د. جاي وينش Guy Winch: طبيب نفساني، ومتحدث، ومؤلف، حصل على درجة الدكتوراه في علم النفس العيادي من جامعة نيويورك عام 1991 ولديه ممارسة خاصة في مانهاتن، يكتب مدونة The Squeaky Wheel لموقع PsychologyToday.com، له العديد من المؤلفات، ومنها:
كيف تعافي قلبًا محطمًا؟!
The Squeaky Wheel