من الحجاب إلى السفور في أوروبا
من الحجاب إلى السفور في أوروبا
كان غطاء الرأس في أوروبا أمرًا سائدًا حتى جاء عصر النهضة الذي استمر من القرن الرابع عشر إلى القرن السابع عشر، وكان رواد تلك النهضة يعدون كل ما سبقها جمودًا وتخلفًا يثورون عليه، بينما كانت الحضارة الإسلامية متقدمة متألقة وكان لها دور بارز في ارتقاء الحضارة الأوروبية، وفي عصر النهضة واجهت أوروبا التحدي الذي يواجه كل ثقافة، تحدي الحفاظ على خصوصيتها في أثناء النهضة، فإن لم تتماسك تلاشت مع رياح التغيير، في ذلك العصر برزت الجوانب العلمية والأدبية والاقتصادية كذلك مع نشاط التجارة العالمية، وبدأ الانفصال عن الكنيسة، وكان من تفاعل النساء مع التطور الاقتصادي اهتمامهن بالأزياء بشكل مبالغ فيه، وظهرت موضة أغطية الرأس التي كانت تُسمى (hood) بديلة عن الحجاب التقليدي في فترة حكم أسرة تيودور في إنجلترا.
ومن هنا بدأت سلسلة التنازلات الفعلية الواضحة عن الحجاب، وبدأت ثقافة الستر تتناقص رويدًا رويدًا، وفي مطلع القرن الثامن عشر في إنجلترا بدأ ظهور النساء الأرستقراطيات في حفلات البلاط، مما دفعهن إلى الإفراط في العناية بجمالهن تزامنًا مع ظهور بيوت الأزياء والقبعات الفارهة وفن تسريح الشعر وبخاصة مع الحفلات الراقصة وأصبحت العباءات النسائية شفافة واصفة، أما فرنسا فقد كان ترك الحشمة مرتبطًا فيها بالفن الفرنسي الذي ثأثَّر تأثرًا كبيرًا بسلسلة إصدارات لمجموعة من المثقفين تناولت آثارًا من حضارات كالإغريقية وغيرها.
كانت تلك شهوة التغيير، جاءت بعدها معزِّزةً الثورةُ الفرنسية التي كانت ثورة سياسية واجتماعية واقتصادية ودينية، وقد أثَّرت تأثيرًا عميقًا في أوروبا والعالم، ووُضعت لبنة إنشاء مجتمع علماني جديد، أرسلت حكومته إلى المدارس أن يحذفوا من مقرَّراتهم الدراسية كل ما يتعلَّق بأي دين وشعائره، وتأثَّرت ملابس النساء بعد تلك الثورة، وبدأ غطاء الرأس يفقد فعليًّا دلالاته الأخلاقية والدينية في أوروبا، واستمر الانحدار حتى وصلنا إلى العري الذي نشهده اليوم.
الفكرة من كتاب وشاح القمر.. المرأة بين الحجاب والسفور
يصف العنوان المرأة بأنها قمر، ويشبِّه حجابها بوشاح يزيدها جمالًا، ويأخذنا هذا الكتاب في جولة تاريخية نرى فيها أن الحجاب ليس أمرًا إسلاميًّا بحتًا كما نظن، وإنما الحجاب والاحتشام خُلُقُ بادٍ على مر الزمان، ثم نرى كيف سطعت شمس الإسلام على المرأة العربية لتنقلها من ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام، ثم نشاهد انتقال أوروبا من الاحتشام إلى السفور، وتأثر دول العالم الإسلامي بحركة تحرير المرأة.
مؤلف كتاب وشاح القمر.. المرأة بين الحجاب والسفور
سارة النوري، والدكتور فاطمة سامي، ومنيرة الذكير، وأسماء الشطي، ومها المنيع من مجموعة “إيوان: تأصيل وتبيان” التي تهدف إلى التأصيل لفقه المرأة المسلمة من خلال نشاطهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وترتيب لقاءات وبرامج علمية عن بُعد، وهذا الكتاب هو أول إصداراتها من الكتب بالتزامن مع مبادرتها التوعوية “قمر” لتعزيز مفهوم الاحتشام والستر.