الحياة البرية
الحياة البرية
قرَّر أحد أثرياء بريطانيا الذي انتقل إلى المستعمرات الأسترالية أن يستورد بعض الحيوانات البريطانية لأستراليا، فقام بشحن عدد كبير من الأرانب البرية التي تكاثرت بعدد مهول فاق القدرة على السيطرة، فقد أتت على المحاصيل حتى انقرضت بعض أنواعها، ما أدَّى إلى تضوُّر بعض الكائنات الحية الأخرى جوعًا، كما تأثَّرت التربة بشكل كبير، حتى قرَّرت الحكومة والمواطنون السيطرة على الأرانب بالصيد والخنق وبناء الأسوار والأنفاق، وفي أفريقيا قرَّر الاستعمار البريطاني نقل سمكة وحش النيل إلى بحيرة فيكتوريا، ما تسبَّب في انقراض أكثر من 500 نوع من الكائنات البحرية التي أتت عليها أسماك وحش النيل، منها 200 نوع من الأسماك الرخيصة التي كانت مصدر الغذاء الوحيد للفقراء.
أما في الصين فقد قرَّر الزعيم ماو التخلُّص من عصافير الدوري، لأنها كانت تستهلك كمية ضخمة من الحبوب التي رأى أن شعبه أولى بها، وبدأت الحملة وتم قتل مليار عصفور دوري، قبل أن يكتشفوا أن العصافير لم تكن تأكل الحبوب وحسب، بل كانت تأكل الحشرات، وهنا انطلقت الحشرات وتضاعفت أسراب الجراد بشكل جنوني وغزت المحاصيل، ما أدَّى مع عوامل أخرى منها استبدال المحاصيل الأصلية محاصيل أخرى، واستخدام أساليب زراعية جديدة، ثم حدوث الفيضان وتعاقب الطقس السيئ، إلى حدوث المجاعة التي راح ضحيتها ما يفوق الـ 15 مليار شخص.
والحقيقة التي توصَّلنا إليها على نحو متأخَّر هي أن النظم الإيكولوجية مصمَّمة بنظم دقيقة ومعقَّدة، وأن أي عبث فيها يؤدي إلى نتائج كارثية غير محسوبة أو قابلة للتنبؤ.
الفكرة من كتاب البشر.. موجز تاريخ الفشل وكيف أفسدنا كل شيء
“لقد وضعت كتابي هذا لأحكي فيه عن البشر وقدرتهم العجيبة على تخريب كل شيء، عن كل لحظة امتلأنا بها فخرًا لكوننا بشرًا أمام عمل فني لا يضاهى، أو إنجاز علمي تفوَّقنا به على أنفسنا، بينما الحسرة واليأس يملآن قلوبنا لأجل كل تلك الحروب والتلوث الذي لا يضاهيه شيء”.
يتحدث هذا الكتاب عن أخطاء البشر على مدى التاريخ، في كل المجالات؛ سواء البيئة والسياسة والحروب والتكنولوجيا، فقد كانت الأسباب التي جعلتنا قادرين على تحقيق أعظم الإنجازات من قدرة على التحليل والتخيُّل ورغبة في المعرفة، هي نفسها الأسباب التي أفسدنا بها كل شيء، فالبشر كانوا ولا يزالون يعانون قصر النظر، وعدم القدرة على التنبؤ الدقيق بمآلات أفعالهم، ومع التطور التكنولوجي الهائل الذي صحبه معدل تغير سريع للغاية في الأحداث، كان من الصعب مواجهة تلك المشكلة التي تفاقمت بالفعل، ففي عالم اليوم هناك شيء ما يحدث لأول مرة كل يوم.
مؤلف كتاب البشر.. موجز تاريخ الفشل وكيف أفسدنا كل شيء
توم فيليبس Tom phillips: صحفي ومؤلف، وهو محرِّر منظمة Full Fact، وهي مؤسسة خيرية مستقلة لمراجعة الحقائق في المملكة المتحدة، شغل سابقًا منصب مدير التحرير في BuzzFeed UK، كما عمل أيضًا مع MSN وMetro، وفي تطوير التلفزيون.
من كتبه ومؤلفاته:
الحقيقة.. لمحة مختصرة عن تاريخ الهراء.
البشر.. موجز تاريخ الفشل وكيف أفسدنا كل شيء.