المستقبل والمجهول
المستقبل والمجهول
ربما ليس هناك أعقد من التنبُّؤ بالمجهول! لذا كانت عملية التنبُّؤ بالمستقبل تنطوي على العديد من المشكلات، فهو عصر يحوي المتناقضات جنبًا إلى جنب حيث يتزامن فيه تكتُّل دُولِه مع تفتُّت دويلاته! لذا فنحن متفقون على أن المعايير البشرية الحالية لا ترقى للحكم عليه، حيث تتآلف الأشياء مع أضدادها وتتهاوى النظم والأفكار، بل وتتقادم فيه الأشياء تباعًا على الرغم من حداثتها، فهو عصر تتهالك فيه المعرفة البشرية بمعدَّلات أسرع من اكتسابها.
إنه عصر حثيث الخطى يحوي سلسلة متسارعة الإيقاع من جولات الهدم وإعادة البناء وفق قانون حاصل الجمع الصفري، فلقد صنع البشر عالمًا لا متناهيًا من اليقين والاحتمالات حتى صار يخشى النجاح أكثر من الفشل! فلقد استدرج تعقُّد هذا العصر الإنسان إلى شباكه حتى كاد يفقد قدرته على التملُّص منها، فكم نحن جوعى للمعرفة ونحن في عصر المعلومات والبيانات! فالكل يسعى إلى التعلم، فكما يتعلم البشر ذاتيًّا كذلك تتعلم الآلات، بل والفيروسات أيضًا، فالطفرات التي حقَّقها فيروس كورونا (كوفيد 19) يمكن أن تشابه إلى حد كبير عملية تعلم البشر ليتأقلم مع مستجدَّات عصره وتحدياته.
وعلى ذلك فأفول العالم القديم هو في حدِّ ذاته بزوغ فجر عصر جديد، فبواسطة تكنولوجيا المعلومات يمكننا اليوم صنع عوالم وهمية متحرِّرة من مفاهيم الزمكان عن طريق المحاكاة الرقمية بواسطة الحاسوب، فالعالم في طريقه إلى السيطرة على المادة والحياة والعقل معًا، وتحولت البشرية الآن من مقعد المشاهد إلى المحايد ووصولًا إلى موقع المتحكِّم في المستقبل، وهذا يخلق توجهًا جديدًا في نظر العلماء ناحية فروعهم العلمية، ولا شك أن التسارع العلمي سيُحدث تأثيراتٍ موسعةً في ثروة الأمم ومستويات معيشتها، فالقدرة العقلية والخيال والابتكار ستعمل على إعادة ترتيب القوى العظمى في المسرح العالمي.
الفكرة من كتاب رؤى مستقبلية
لقد تقدَّمت العلوم بسرعة مذهلة وأحدثت تحولًا كبيرًا في المجتمعات البشرية المختلفة، ونظرًا إلى ذلك يعقد الكثيرون الآمال على المزيد من التقدم العلمي في السنوات القليلة المقبلة لإحداث تغييرات أعمق في الواقع المعاصر، ويستشرف هذا الكتاب المستقبل في العديد من المجالات كثورة المعلومات والذكاء الاصطناعي ومشاريع الجينوم البشري والوصول إلى الفضاء وتطبيقات فيزياء الكوانتم، وغير ذلك الكثير.
مؤلف كتاب رؤى مستقبلية
الدكتور ميشيو كاكو (Michio Kaku): هو عالم أمريكي من أصل ياباني مختصٌّ بمجال الفيزياء النظرية ومجال الدراسات المستقبلية، وُلِدَ في سان جوزيه بولاية كاليفورنيا الأمريكية في 24 يناير عام 1947، من والدين يابانيين مهاجرين إلى الولايات المتحدة، حصل على درجة الدكتوراه في عام 1972، ويعمل أستاذًا للفيزياء النظرية بجامعة سيتي الأمريكية، كما أنه بروفيسور زائر في كلٍّ من جامعة برينستون وجامعة نيويورك.
له العديد من المؤلفات منها:
الفضاء الفائق.
فيزياء المستقبل.
مستقبل العقل: الاجتهاد العلمي لفهم العقل وتطويره وتقويته.