الثقافة والتكنولوجيا
الثقافة والتكنولوجيا
من المسلَّم به أن ما من تغيرٍ أو تطور مجتمعي إلا ويتبعه بالضرورة تغيرٌ ثقافي في قيم المجتمع وتقاليده، فالثقافة سواء كانت نتاجًا عن الظرف المجتمعي الراهن -أو محركًا أوليًّا له- تعد خط الدفاع الأول عند الاشتباك مع أي ظاهرة مجتمعية جديدة، ومع تلك النقلة الحادة التي أحدثتها تكنولوجيا المعلومات، فلا شك أن القيم الثقافية المجتمعية على موعد من الصراع المستقبلي مع التكنولوجيا الجديدة لتشكيل الوعي الجمعي وتغيير أنماط السلوك والمعايير والبنية المعرفية داخل المجتمع البشري.
ويمكن القول إن الثورة التقنية الحاصلة اليوم غيَّرت من نظرة المبدع الأدبي، حيث ألهبت مشاعر الحنين إلى الجذور البيولوجية بعد أن قطعت أواصرنا بالطبيعة، فانعكس ذلك على الأدب والدراما والفن التشكيلي والنحت وهندسة البناء، كما أننا لا ننكر أن تلك التطبيقات ساعدت الثقافة لتكون صناعة قائمة بذاتها لها، حيث وفرت للمبدع الأدبي العديد من الوسائل التي ساعدته بلا شك على إخراج عمله الأدبي في أبهى حُلَّة كما ساعدت على انتشاره كذلك، فبالأمس ربما لم يكن يتعدَّى عدد قراء الرواية بضع مئات، أما اليوم بفضل التقنيات الحديثة فقد تصل إلى الملايين، فضلًا عن الأشكال الأخرى من المسرح والميديا والأفلام والمسلسلات والأغاني.
ومن هنا حدث الانتقال من ثقافة التكنولوجيا إلى تكنولوجيا الثقافة، لذا تطلَّبت نظرة شاملة على التغيير الثقافي الحادث وفق محددات جديدة تستوعب الإمكانات الهائلة للعصر الرقمي الجديد، وتبحث التداخلات البينية للتكنولوجيا مع اللغة، والفن، وصناعة المعرفة، والشعر والموسيقى والإعلام، والسينما والدراما، والنحت والرسم، وربما يستلزم هذا الأمر تحويل النهج البحثي من التجريد والتبسيط إلى اتباع نماذج أكثر تعقيدًا لتحاكي تلك الظاهرة محل الدراسة، علَّنا بذلك نُحكِم الإطار العلمي ليكبح جماح تلك الفوضى التكنولوجيا ويرغمها على الدخول في بوتقة البحث والدراسة والتنبؤ الدقيق.
الفكرة من كتاب العرب وعصر المعلومات
لا يخفى على أحد اليوم مدى تردِّي الأحوال التي آلت إليها الدول العربية على جميع المستويات، وفي ظل مستقبل يرتكز بصورة أساسية على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يصبح هذا الكتاب بمثابة ناقوس للخطر، استشرافًا للمستقبل العربي في ظل عصر التحولات والطوفان التكنولوجي القادم.
مؤلف كتاب العرب وعصر المعلومات
الدكتور نبيل علي: رائد معالجة اللغة العربية حاسوبيًّا وتعريب نظم المعلومات على المستويين العربي والعالمي، وحاصل على دكتوراه في هندسة الطيران، كما أن له أكثر من 15 دراسة في مجال التنمية المعلوماتية بالوطن العربي لمنظمات أليكسو، والإسكوا، واليونسكو، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كما أن له عدة كتب في مجال المعلوماتية منها: “اللغة العربية والحاسوب”، و”الثقافة العربية وعصر المعلومات”، و”تحديات عصر المعلومات”.