التكنولوجيا والمجتمع
التكنولوجيا والمجتمع
إن الحتمية التكنولوجية تبرز إلى حدٍّ كبير استمرار النمو المتسارع للتقدم التقني دون التأثر بالمتغيرات الاجتماعية المختلفة، فالتكنولوجيا اليوم وفق نظر البعض عاملٌ محدد مستقل كالسيل الجارف لا شأن للمجتمع بإبطائه فضلًا عن إيقافه، أما البعض الآخر فيرون عكس ذلك تمامًا حين يقررون أن الثورة الرقمية اليوم ما هي إلا نتيجة للتطور المجتمعي تلبيةً لمطالبه، والتاريخ فيه العديد من الأمثلة التي تؤكد مثل هذا المعنى، فالثورات العلمية ما هي إلا تلبية للظرف المجتمعي واحتياجات البشر، وهو الأمر الذي عجزت الوسائل التقليدية عن الوفاء به في الماضي.
ودون الإغراق في معرفة أيهما أولًا الدجاجة أم البيضة، ندلف إلى البحث في جدلية الصراع والوفاق بين التكنولوجيا الوافدة وعالمنا المعاصر، لا سيما مع تلك التحولات الجذرية التي بدأت إرهاصاتها تظهر في ميادين الاقتصاد والثقافة والمجتمع، ورغم أن الثورة الرقمية وما حقَّقته من إنجازات لا تزال في بداياتها، فإنها تملك القدرة على إحداث تغيير مجتمعي لأنها تفوق كثيرًا ما سبقها من ثورات علمية في التاريخ البشري، بسبب هذا التداخل المتشابك بين العنصر المعلوماتي والعناصر المجتمعية المختلفة.
ورغم أن الآثار الجانبية لأي ظاهرة جديدة عادةً لا تظهر إلا بعد الوصول إلى مرحلة النضج والاستقرار وتغلغلها التام في الكيان المجتمعي، فإننا نلاحظ أن المعلوماتية أحدثت قطعًا في أنشطة المجتمع المختلفة، وتكمن الصعوبة في أن هذا التطور التكنولوجي لم يوازِه على الناحية المقابلة تطور مشابه في النظريات الاجتماعية المختلفة والتي يمكنها احتواء مثل هذه الظاهرة ولو جزئيًّا، لذا تظل هناك اليوم العديد من القضايا الشائكة حول العلاقة المتبادلة بين التكنولوجيا والمجتمع لم نستطع بعد فك طلاسمها أو تحديد ملامحها بصورة أدق، كالأخلاق والتعليم والثقافة والقيم والعادات والتقاليد والحريات والخصوصية وسيادة الدول والأمن القومي.
الفكرة من كتاب العرب وعصر المعلومات
لا يخفى على أحد اليوم مدى تردِّي الأحوال التي آلت إليها الدول العربية على جميع المستويات، وفي ظل مستقبل يرتكز بصورة أساسية على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يصبح هذا الكتاب بمثابة ناقوس للخطر، استشرافًا للمستقبل العربي في ظل عصر التحولات والطوفان التكنولوجي القادم.
مؤلف كتاب العرب وعصر المعلومات
الدكتور نبيل علي: رائد معالجة اللغة العربية حاسوبيًّا وتعريب نظم المعلومات على المستويين العربي والعالمي، وحاصل على دكتوراه في هندسة الطيران، كما أن له أكثر من 15 دراسة في مجال التنمية المعلوماتية بالوطن العربي لمنظمات أليكسو، والإسكوا، واليونسكو، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كما أن له عدة كتب في مجال المعلوماتية منها: “اللغة العربية والحاسوب”، و”الثقافة العربية وعصر المعلومات”، و”تحديات عصر المعلومات”.