لغة التعبير
لغة التعبير
اللغة المعبِّرة هي التي تصف حال أهلها وأسلوب حياتهم وقواعد تاريخها، ولا يعرف العلماء لغة تتراءى لنا من ألفاظها صفاتهم وأطوار مجتمعهم مثل العربية، فالمجتمع العربي في أصالته كان مجتمع ترحال ومرعى، الكلمات التي تدلُّ على معنى الجماعة في لسان العرب لا تكاد تخلو من الإشارة إلى الرحلة والرعاية، فالأمة هي الجماعة التي تؤمُّ مكانًا واحدًا أو تأتمُّ بقيادة واحدة، والشعب هو الجماعة التي تتخذ شعبة واحدة من الطريق، والقبيلة هي الجماعة التي تسير نحو قبلة مشتركة، وأسماء الأمكنة فيها دلالة على السُّكنى أو الارتحال كالمنزل والمبيت، ومادة المكان نفسها من التمكين المخالف إلى الانتقال غير المستقر.
وحال المعاني المجردة لا تختلف عن المحسوسات، فيقال المذهب تعبيرًا عن طريقة فكرية، وكذلك المنهج والمورد والمشرب، ولهذا يمكن قياس أصالة الكلمة بدلالتها على حياة العرب وبيئتهم، أهي عربية أم أعجمية، ويفيدنا كذلك في المقارنة بين لفظتين متشابهتين من لغتين مختلفتين، وهناك كلمات تتشابه في مخارجها بين أبعد اللغات لأنها نشأت من الحكاية الصوتية ونقلتها الآذان كما سمعتها، وقد يمتدُّ القياس إلى إيجاد العلاقة بين معاني كلمات اللغة ومعيشة أبنائها.
وكما أن العربية صادقة التعبير فهي أيضًا فصيحة البيان، واللفظ الفصيح هو الذي لا لبس فيه، وقد كان التطور الطبيعي من أسباب هذه الفصاحة، حيث كانت لهجات النطق بالحروف العربية متعددة وبتتابع الاتصال بين الناطقين تهيأت أسباب الانتخاب الطبيعي وانتقاء الأجود وتهذيب الأصوات حتى وصلت باللغة إلى أعلى مراتب البيان والبلاغة، وبلغت بجهاز النطق غاية ما يبلغه الإنسان المعبِّر عن ذاته بالحروف والكلمات.
الفكرة من كتاب اللغة الشاعرة
تنفرد اللغة العربية بأنها لغة شاعرة، ليس لأنها صالحة لنظم الشعر فحسب، بل لأنها بُنيَت على نسق الشعر في أصوله الفنية والموسيقية، فهي بذاتها في جملتها منظوم منسق الأوزان لا ينفك عنها بأي حال من الأحوال.
في كتاب “اللغة الشاعرة” يطالعنا العقاد على أهم خصائص اللغة العربية وما تمتاز به عن سائر لغات العالم، وثراء حروفها ومفرداتها الفصيحة الصريحة التي تحمل بداخلها موسيقى خفية.
مؤلف كتاب اللغة الشاعرة
عباس محمود العقاد: كاتب وشاعِر، وفيلسوف، ومؤرِّخ، وصحفي، كان على رأس حقبة خصبة من تاريخ الفكر العربي في القرن العشرين، وعضوًا في مجمع اللغة العربية، وأسس مدرسة الديوان الشعرية مع صاحبيه المازني وعبد الرحمن شكري، واشتهرت معاركه الأدبية مع كبار أدباء عصره أمثال الرافعي وطه حسين وأحمد شوقي ومصطفى جواد، وقد ولد بأسوان عام ١٨٨٩ وتوفي عام ١٩٦٤.
من أهم مؤلفاته:
سلسلة العبقريات.
ساعات بين الكتب.
أنا (سيرة ذاتية).
التفكير فريضة إسلامية.