الطب النانوي
الطب النانوي
تخيَّل مركبةً تسير داخل الجسم البشري يتم التحكُّم بها خارجيًّا لأداء مهام معينة! تلك هي أبرز التقنيات المنتظر تطويرها في المستقبل القريب، حيث غيَّرت تكنولوجيا النانو العديد من الأساليب الطبية المتبعة في عمليات تشخيص الأمراض وتكنولوجيا صناعة الدواء، وصرنا نسمع عن تلك الأجسام الصغيرة التي تدخل جسم الإنسان فتقوم بالبحث عن الخلل الجسدي، ومن ثمَّ ترميم التلف أو القضاء على المرض فيه دون أي تدخُّل جراحي، كما يمكن بواسطة تلك التقنيات المستحدثة الحصول على صور حية ودقيقة لخلايا الجسم البشري بسهولة.
فعن طريق تلك الأجسام المتناهية الصغر يستطيع الأطباء مراقبة الوظائف الحيوية على مستوى كل خلية على حدة، كما تساعد كثيرًا على عملية التنبُّؤ المبكِّر بأعراض بعض الأمراض والكشف المبكر عن الأورام السرطانية عن طريق ملاحظة أي سلوك غير اعتيادي لنشاط إحدى الخلايا والذي قد ينجم جراء إصابتها بفيروس ما، كما يمكن أن تصبح بمثابة قوات دعم للجهاز المناعي البشري ضد أي أجسام غريبة حينما يضعف عن مقاومتها أو التعرُّف عليها، حيث يمكن أن تتم برمجة بعض الأجهزة النانوية للدخول داخل الخلايا البشرية للقضاء على أي أجسام غير اعتيادية.
ومن التطبيقات النانوية اليوم في معالجة بعض الأمراض، نجد ثمة نتائج مبشِّرة في الجهود المبذولة لمقاومة فيروس نقص المناعة المعروف بالإيدز، حيث تقوم فلسفة العلاج على استخدام المواد النانوية لمنع نفاذ الفيروس إلى خلايا الدم البيضاء عبر تعطيل مساره منعًا من الوصول إليها ومن ثم السيطرة عليها، وكذلك ظهرت بعض النتائج الأولية المبشِّرة لاستخدام الطب النانوي لمعالجة سرطان الكبد كبديل عن العلاج الكيميائي التقليدي و مخاطره المعروفة، عبر تقنيات العلاج الموجه والتي تهدف إلى توجيه جرعات الدواء مباشرةً إلى الخلايا المصابة بالسرطان فقط دون غيرها.
الفكرة من كتاب تكنولوجيا النانو.. من أجل غدٍ أفضل
عام 1959 وأمام الجمعية الفيزيائية الأمريكية تساءل الفيزيائي الأمريكي الشهير “ريتشارد فاينمان” (ماذا سيمكن للعلماء فعله إذا استطاعوا التحكُّم في تحريك الذرَّة الواحدة، وإعادة ترتيبها كما يريدون؟).
لقد كان التطوُّر التقني الهائل هو السمة الفريدة في القرن العشرين الذي ودَّعناه قبل عقدين من الزمان، ومع بدايات القرن الحالي برز إلى الأضواء مصطلح تكنولوجيا النانو، والتي نظر إليها البعض على أنها المصباح السحري لحل جميع مشكلات البشر، لذا تأتي أهمية هذا الكتاب لسرد القصة من البداية، حيث يُطلعك على تاريخ الثورة النانوية وأهم مزاياها، وكذا الأخطار المحتملة المترتِّبة عليها، ويتطرَّق إلى تطبيقاتها الواسعة في بعض مجالات الحياة كالطب والغذاء والبيئة.
مؤلف كتاب تكنولوجيا النانو.. من أجل غدٍ أفضل
محمد شريف الإسكندراني: ولد بالقاهرة عام 1956، تخرج في كلية الهندسة – جامعة الأزهر عام 1981، حصل على الماجستير عام 1988 والدكتوراه عام 1992 في المواد المتقدِّمة وتكنولوجياتها من جامعة طوكيو باليابان، ومنذ عام 2007 وهو يعمل باحثًا ومستشارًا علميًّا بمكتب المدير العام لمعهد الكويت للأبحاث العلمي، كما عمل أستاذًا مساعدًا ثم أستاذًا لتكنولوجيا النانو والمواد المتقدمة لمعهد بحوث المواد بجامعة طوكيو حتى عام 2002، وحصل على جائزة الدولة المصرية في العلوم الهندسية عامي 1994، و2003 والميدالية الذهبية من جمعية الفلزات اليابانية عام 1997، كما حصل على أربع براءات اختراع في مواضيع متعلقة بإنتاج مواد النانو وتطبيقاتها التكنولوجية.
له العديد من الأبحاث في المجلات العلمية المتخصِّصة في علوم المواد وتكنولوجيا النانو بالولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا وهولندا، كما أنه مؤلف كتاب “تكنولوجيا النانو من أجل غد أفضل”.