الدور الوطني والمسؤولية الأخلاقية
الدور الوطني والمسؤولية الأخلاقية
نشأ علم النفس كعلم تجريبي معملي داخل معامل الفيزيولوجيا على يد علماء الألمان أمثال فيبر وفخنر، ثم شقَّ طريقه ليصبح علمًا ميدانيًّا على يد المدرسة الإنجليزية بقيادة جولتون الذي ملكت لبَّه مفاهيمُ الوراثة والاكتساب، فنلاحظ في هذين النموذجين الطابع الوطني المميز لكلٍّ منهما والتشبُّع بروح الظروف الحضارية والفكرية السائدة في كلٍّ منهما، وهذا الدور الوطني الذي يمكن أن نسميه المنهج أو المنحنى، لا يتعارض مع عالمية العلم وموضوعيته، فجهود هؤلاء العلماء تجاوزت حدود المحلية والجزئية إلى العالمية والكلية، فما الذي يعوق قيام مدرسة وطنية عربية في علم النفس؟
إنَّ عدد العلماء العرب قليل، والمؤمنون بذلك الدور الوطني أقل، والأدهى من ذلك أنهم يتعرضون لعمليات التضليل والاستسهال والتآكل، فيقع التضليل عليهم من خلال التشكيك في قدراتهم وتشتيت جهودهم بشعارات مريبة، ومع الأسف يقع الكثير منهم فريسة لهذا التضليل بسبب الاستسهال، والتابعية لغيرهم، وترك أنفسهم نهبًا لتآكل المهارات والمعلومات، وكل هذا يتم في بيئة ضعيفة الإمكانيات المادية، ورغم كل تلك الحواجز، فقد رأينا إنجازات علمية في دول العالم الثالث، تحمل هُويتها الوطنية المميزة مثل الدراسة الميدانية حول تعاطي الحشيش في مصر التي ترأس لجنتها مؤلف هذا الكتاب، والدراسة التي أجريت في أوغندا حول الصراع أو التلاقي بين الهوية القومية والقبلية.
وبجانب المسؤولية الوطنية التي يتحمَّل أعباءها علماء الدول النامية، فإنَّ عليهم مسؤولية أخلاقية أثقل مما على علماء العالم المتقدم، بسبب حاجة تلك المجتمعات الفقيرة إلى التطبيقات العلمية من دون أن تتحمَّل خسائر مادية كبيرة، وبأفضل استثمار للوقت والجهد، والمسؤولية الأخلاقية تعني الالتزام بقواعد السلوك المتواضع عليها صراحة أو ضمنًا داخل الجماعة العلمية المنتمي إليها العالِم، وتتضمن انتقاء موضوعٍ للدراسة له علاقة واضحة بأوجه النشاط العلمي والاجتماعي وتخطيط البحث بالمعايير العلمية الدقيقة وتخيُّر أنواع الأدوات المستعملة في جمع المشاهدات وطرق التحليل المستخدمة لاستخلاص النتائج ثم نشرها مراعيًا حقوق المِلْكية وخصوصية المتطوِّعين مع الحفاظ على الهُوية القومية والثقافية للباحث.
الفكرة من كتاب علم النفس.. فلسفته وحاضره ومستقبله ككيان اجتماعي
يختلف علم النفس اختلافًا كبيرًا عن بقية فروع المعرفة الأخرى كالعلوم الطبيعية والبيولوجية، وذلك لاعتماده بصورة كبيرة على ملاحظة الإنسان لما في نفسه من أحاسيس ومشاعر، وما يدور في عقله من أفكار متعاقبة تُشكل سلوكه.
يركز هذا الكتاب على فلسفة علم النفس والمشكلات الأساسية التي تواجهه، لا من حيث البحوث والتجارب المعملية وإنما في جذوره والمبادئ الأساسية التي يقوم عليها، كذلك أثر علم النفس في حياتنا الاجتماعية من خلال الإشارة إلى تاريخ الدراسات النفسية وتحليل واقعها الحاضر والتنبؤ بمستقبلها في مصر والوطن العربي.
مؤلف كتاب علم النفس.. فلسفته وحاضره ومستقبله ككيان اجتماعي
الدكتور مصطفى سويف، أستاذ بكلية الآداب بجامعة القاهرة ومؤسس قسم علم النفس فيها، وُلد عام ١٩٢٤، وشغل منصب رئيس الجمعية المصرية للدراسات النفسية خلال عامي ١٩٧٠ و١٩٧١، وحصل على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام ١٩٨٩، ووافته المنية سنة ٢٠١٦.
ومن أهم مؤلفاته:
مشكلة تعاطي المخدرات بنظرة علمية.
الأسس النفسية للتكامل الاجتماعي.
الأسس النفسية للإبداع.. الشعر خاصة.