علم النفس بين الحاضر والمستقبل
علم النفس بين الحاضر والمستقبل
ليس من المعقول أن نتنبَّأ بمستقبل علم النفس في مصر دون النظر في وضعه الراهن، وهو وضعٌ يدور بين سمتين متضاربتين: الأولى هي تضخُّم سمعة علم النفس في المجتمع ووسائل الإعلام، وأصبحت كلمات مثل العقل الباطن والكبت الاجتماعي تجري على ألسنة الناس في الحياة اليومية، أما الثانية فتتمثَّل في الضعف الشديد في أجهزة الدولة للإيفاء بمتطلَّبات الدراسات النفسية، ولا سيِّما بعد ازدياد الطلب على الخدمات التي يمكن أن يقدمها علم النفس لرفع كفاءة الإنسان وحياته، ويظهر هذا الضعف كمًّا في الجامعات ومراكز البحوث، وكيفًا في مستوى البحوث وضآلة التجهيزات المعملية.
والحديث عن المستقبل يشمل آليتين: آلية تعتمد على المتاح في الوقت الحاضر، وأخرى إرادية تتمَّثل في ما نطمح إلى تحقيقه، ولتحقيق هذه الرؤية الإرادية يجب تنمية عدد المختصين النفسيين بما يوازي حاجة المجتمع، وإنشاء معامل مجهزة بالكامل للبحوث النفسية، ولا بدَّ من تفرُّغ كامل من الباحث لإجراء البحوث الطريفة، مما يتعيَّن معه توفير راتب يضمن له عيشًا كريمًا، ثم يأتي بعد ذلك دور التطبيق في صورة خدمات لميادين الصناعة ومراكز العلاج النفسي الإكلينيكي، وكذلك خدمة العدالة في ميدان الجريمة، ولن تتم هذه الخدمات إلا بتوجيه مهني متخصِّص يؤدي إلى الاستفادة من كل الإمكانات المتاحة.
من الأوليات التي ينبغي أن يركز عليها علماء النفس في المستقبل القريب الاهتمام بتعريف المصطلحات وتحديدها، والاطلاع على الدراسات الحضارية المقارنة مع مراعاة الفوارق الحضارية بين الدول النامية والمتقدمة، والمواظبة على حضور المؤتمرات العالمية لمتابعة كل ما هو جديد في العلم، كما ينبغي الاستفادة من التراث العربي كنظرية ابن خلدون في التفاعل بين طراز الشخصية وطراز الجماعة المحيطة، ونظريات ابن سينا في التفاعل النفسي الجسماني، وعلم الفِرَاسة العربي، وهذه النظريات من شأنها أن تسدَّ ثغرات في الفكر السيكولوجي لم تستطعها الدراسات الغربية الحديثة، وما يحرِّك عجلة هذه الأوليات هو إنشاء منظَّمات أشبه بالنقابات المهنية تكون الملجأ لباحثي علم النفس وصوتهم المسموع والداعم لجهودهم.
الفكرة من كتاب علم النفس.. فلسفته وحاضره ومستقبله ككيان اجتماعي
يختلف علم النفس اختلافًا كبيرًا عن بقية فروع المعرفة الأخرى كالعلوم الطبيعية والبيولوجية، وذلك لاعتماده بصورة كبيرة على ملاحظة الإنسان لما في نفسه من أحاسيس ومشاعر، وما يدور في عقله من أفكار متعاقبة تُشكل سلوكه.
يركز هذا الكتاب على فلسفة علم النفس والمشكلات الأساسية التي تواجهه، لا من حيث البحوث والتجارب المعملية وإنما في جذوره والمبادئ الأساسية التي يقوم عليها، كذلك أثر علم النفس في حياتنا الاجتماعية من خلال الإشارة إلى تاريخ الدراسات النفسية وتحليل واقعها الحاضر والتنبؤ بمستقبلها في مصر والوطن العربي.
مؤلف كتاب علم النفس.. فلسفته وحاضره ومستقبله ككيان اجتماعي
الدكتور مصطفى سويف، أستاذ بكلية الآداب بجامعة القاهرة ومؤسس قسم علم النفس فيها، وُلد عام ١٩٢٤، وشغل منصب رئيس الجمعية المصرية للدراسات النفسية خلال عامي ١٩٧٠ و١٩٧١، وحصل على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام ١٩٨٩، ووافته المنية سنة ٢٠١٦.
ومن أهم مؤلفاته:
مشكلة تعاطي المخدرات بنظرة علمية.
الأسس النفسية للتكامل الاجتماعي.
الأسس النفسية للإبداع.. الشعر خاصة.