نشأة علم النفس
نشأة علم النفس
تظهر صعوبة الدراسات النفسية -سواءً في إجرائها أو في الركون إلى نتائجها- نتيجة لعدم وجود كيانات محسوسة تنطلق منها، كما هو الحال في العلوم الطبيعية، وإنما تعتمد على ظواهر سلوكية مركَّبة مفروضةٍ عليها ابتداءً، وكانت ولادة هذا العلم على يد فيبر في ثلاثينيات القرن التاسع عشر عندما قام بتجارب فيزيولوجية لكن غير تقليدية؛ فقد تخطَّى مستوى التجريب التغيرات التي تطرأ على نسيج بعينه إلى تغيرات تحصل على الفرد بكلِّيته، ومن يومئذٍ خرج لنا ما يُعرف بعلم السيكوفيزيقا؛ وهو دراسة العلاقة بين الخصائص الفيزيقية للمنبِّه والخصائص الكَمِّية للإحساس به.
وعلى الرغم من غموض هذا المفهوم، فقد سارت الدراسات اللاحقة نحو صورة أشدِّ تعقيدًا مثل التجارب التي أجراها إبنجهاوس لاستخلاص قوانين التذكُّر والنسيان أواخر القرن التاسع عشر، وتمكَّن من وضع منحنى للنسيان أو ما يشار إليه أحيانًا بـ”معكوس منحنى التعليم”، ومضى من بعده علماء النفس في دراسة موضوعات بالغة التعقيدة والتركيب كالذكاء وأنماط الشخصية والتعليم، وبذلك نستطيع القول إن علم النفس هو دراسة السلوكيات الصادرة عن الفرد في تفاعلاته مع بيئته بكل مقوِّماتها الاجتماعية والطبيعية.
لا يدرس المتخصِّصون النفس -كما يشير الاسم لأول وهلة- بل ظواهر النشاط النفسي أو الوظائف النفسية، وهي نوعان أساسيان: السلوك والخبرة، فمظاهر السلوك صريحة مشاهَدة كالكتابة والمشي، وضمنية كعمليات التفكير والمقارنة، ومظاهر الخبرة كذلك مباشرة وغير مباشرة، وعندما يتحدث المتخصِّصون فإنهم يفرِّقون بين علم النفس الدارج وعلم النفسي العلمي، فالأخير يقوم على الأساليب العلمية المتعارف عليها بينهم كالمشاهدة المنظَّمة والاستنباط المنظَّم وحساب معدلات الارتباط وغير ذلك، بينما ذاك الدارج يعتمد على المشاهد العابرة والاستنباطات العفوية.
كما أن علم النفس مُباين للتحليل النفسي الذي نشأ على يد سيجموند فرويد كجزء من الطب النفسي العيادي، ثم انتقل من التطبيق على المرضى إلى دراسات نظرية تُطبَّق على المجتمع والحضارة، لكن علم النفس سابق له ويسعى إلى دراسة ظواهر السلوك السَّوي لا المَرَضي.
الفكرة من كتاب علم النفس.. فلسفته وحاضره ومستقبله ككيان اجتماعي
يختلف علم النفس اختلافًا كبيرًا عن بقية فروع المعرفة الأخرى كالعلوم الطبيعية والبيولوجية، وذلك لاعتماده بصورة كبيرة على ملاحظة الإنسان لما في نفسه من أحاسيس ومشاعر، وما يدور في عقله من أفكار متعاقبة تُشكل سلوكه.
يركز هذا الكتاب على فلسفة علم النفس والمشكلات الأساسية التي تواجهه، لا من حيث البحوث والتجارب المعملية وإنما في جذوره والمبادئ الأساسية التي يقوم عليها، كذلك أثر علم النفس في حياتنا الاجتماعية من خلال الإشارة إلى تاريخ الدراسات النفسية وتحليل واقعها الحاضر والتنبؤ بمستقبلها في مصر والوطن العربي.
مؤلف كتاب علم النفس.. فلسفته وحاضره ومستقبله ككيان اجتماعي
الدكتور مصطفى سويف، أستاذ بكلية الآداب بجامعة القاهرة ومؤسس قسم علم النفس فيها، وُلد عام ١٩٢٤، وشغل منصب رئيس الجمعية المصرية للدراسات النفسية خلال عامي ١٩٧٠ و١٩٧١، وحصل على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام ١٩٨٩، ووافته المنية سنة ٢٠١٦.
ومن أهم مؤلفاته:
مشكلة تعاطي المخدرات بنظرة علمية.
الأسس النفسية للتكامل الاجتماعي.
الأسس النفسية للإبداع.. الشعر خاصة.