كيف وُجد العرب وكيف نشأت اللغة العربية؟
كيف وُجد العرب وكيف نشأت اللغة العربية؟
في الحقيقة فقد وُجِد العرب قبل أن يُعرَفوا بهذا الاسم بين جيرانهم، كما أن لغتهم العربية كانت موجودة معهم وتتطور من عصرٍ إلى آخر حتى وصلت إلى تطورها الأخير الذي عهدناه بمجيء الإسلام، وبالطبع ليس هذا بالأمر الغريب كون ذلك سنة التطور بالنسبة إلى اللغات والأمم والحضارات كما نرى في الهند والحبشة، وحتى بلاد إنجلترا التي تعدَّدت أسماؤها بين بلاد الملائكة Angellykes وأرض الأناجلة Angles، ونحن نعلم على الأقل أن الإنجليزية التي نعهدها الآن ليست نفسها اللغة قبل ألفي عام، بل أقل، وإنما عهدت ألفاظًا جديدة وتطورًا كبيرًا.
أما العرب فقد عُرِفوا بهذا الاسم منذ أكثر من ألفي سنة رغم وجودهم قبل ذلك بكثير، والعجيب أن أصل التسمية غير معروف بشكل مؤكد وصريح إلى يومنا هذا، فذهب بعض المؤرخين إلى أن العرب سموا بذلك لأنهم “كانوا يسكنون موقع الغرب من أمة أخرى يحل فيها حرف العين محل حرف الغين”، كما يحدث في بعض اللهجات -وحتى العربية قديمًا-، ويشير آخرون إلى أنهم سموا بذلك نسبةً إلى “يعرب بن قحطان”، أو نسبةً إلى العرابة والتي تعني الجفاف والصحراء.
وأيًّا كان سبب هذا الاسم، فالسؤال المهم هنا هو: هل العرب الموجودون بمنطقة الجزيرة العربية ولغتهم تلك هي من سكانها الأصليين أم باختلاط مع البلاد المجاورة كما هو معروف للحضارات؟ فإذا نظرنا إلى جيرانها لرأينا ثلاث مناطق، وهي الحبشة، وبادية الشام، وأعالي العراق، أما سكان الحبشة فلا يُعقل أن يكون لهم ذلك التأثير في اللغة واللسان نظرًا إلى أنهم لم يكونوا كثرًا بالجزيرة، بل على العكس كان المهاجرون من الجزيرة العربية إلى الحبشة أكثر، وأما العراق وبادية الشام فليس من العقل أن تهاجر جماعة كبيرة من تلك الأراضي الخصبة إلى تلك الأرض الصحراوية الجافة!
الفكرة من كتاب الثقافة العربية
إذا عدنا بالتاريخ إلى الوراء، أو بمعنى أدق إلى الوراء كثيرًا، لوجدنا أن أقدم الثقافات في تاريخ البشرية ثلاث، وهي: الثقافة العربية، والثقافة اليونانية، والثقافة العبرية، والحق أن الثقافة العربية هي أقدمها، ورغم كون الأمر غريبًا بعض الشيء فإنه مُثبت بأدلة تاريخية واضحة، ويهتم هذا الكتاب بذكرها، ولكن ماذا إذا كانت قراءة تاريخ أمةٍ منذ بدايتها تجعلنا نعرف أشد نقاط ضعفها؟ وهذا يشمل حتى كونها أقوى الأمم في وقتنا الحالي، هنا يتعيَّن علينا استخدام قاعدة أن التاريخ دائمًا ما يُعيد نفسه ولو اختلفت أدواته.
مؤلف كتاب الثقافة العربية
عباس محمود العقاد (1989 – 1964): أديب ومفكر وشاعر مصري، وعضو سابق في مجلس النواب ومجمع اللغة العربية، ويُعد أحد عمالقة الأدب في مصر والعالم العربي، ويُعد من أهم كُتَّاب القرن العشرين في مصر، إذ عُرف بأنه رجل موسوعي المعرفة، حيث ألَّف العديد من الأعمال فاقت مئة كتاب في شتى المجالات، أشهرها:
– حياة قلم.
– سلسلة العبقريات.
– الفلسفة القرآنية.
– أثر العرب في الحضارة الأوروبية.