يا بُني لمن تشكو أحزانك؟
يا بُني لمن تشكو أحزانك؟
هل جربتم أيها الآباء من قبل إذا بدا على أحد الأبناء الحُزن أو الغضب غير المبرر بسؤاله عن الأسباب واحتوائه وبخاصة ممن هم في سِن المراهقة؟ للأسف نسبة كبيرة جدًّا بين الأهالي لا يبالون بكل ذلك بسبب كثرة انشغالهم بأعمالهم، وهذا يترك فرصًا عديدة لشياطين الجن والإنس التلاعب بالأبناء أو جعلهم يدمنون مواقع التواصل الاجتماعي هاربين من مواجهتها ولا يعلمون حتى لماذا قد يصابون بالأحزان في حياتهم؟
يقول أحد الآباء أُصيب طفلي بمرض السكر في سن مبكرة جدًّا واحتاج إلى حقن الأنسولين، فبدأ يحزن ويغضب من كثرة الحقن، فحاولت أن أُخفِّف عنه بكل الطرق، فلم أنجح إلى أن سمعت حديث النبي (ﷺ): “حتى الشوكة يشاكها، إلا كفَّر الله بها خطاياه”، فقلت له: لقد وجدت لك كنزًا وأخبرته بحديث النبي، ثم قلت له: كل شكة إبرة ولو صغيرة يغفر الله بها ذنوبك، وبالفعل فرح ابني بالأمر وهان عليه، ومع كل حقنة كنت أذكره بالمغفرة والأجر العظيم الذي خُصِّص له.
علِّم ابنك أن المسلم خُلق في الدنيا عابر سبيل، فلا يجعلها همه، ويفكر في نعيم الآخرة ويدعو الله بالجنة، فقد قال النبي (ﷺ): “الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر”، واكتب له ورقة فيها أدعية من السُّنة والقرآن الكريم وهي كثيرة ليردِّدها ويحفظها وقت حزنه، ثم كافئه على ذلك قدر استطاعتك.
وعلينا ألا ننسى أن أبناءنا قد ينغمسون في الحزن حتى يصلوا إلى أفكار تمنِّي الموت أو الانتحار، وقد يتساءل أحدهم: أليس من حقي تمني الموت أو الانتحار حين تضيق بي؟ حينها أجبه بحديث الرسول (ﷺ): “لا يتمنينَّ أحدكم الموت لضرٍّ نزل به، فإن كان لا بدَّ متمنيًا الموت فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفَّني إذا كانت الوفاة خيرًا لي”، وقد يداري بعضهم حزنه في الغضب، فلا تتركه واجلس معه وشاركه ما يحبه من الألعاب أو المشي، أو اصنع له طعامًا يحبه، وتبادلا الحديث حتى تصلا إلى ما يغضبه أو يحزنه ولتتشاركاه معًا حتى تجدا حلًّا، وصلِّ معه ركعتين اقتداءً بالنبي (ﷺ) الذي كان إذا أحزنه أمر فزع إلى الصلاة.
الفكرة من كتاب عَلِّم ابنك كيف يسأل ربه وكيف يشكو حزنه إلى الله
إن التربية علمٌ مُمتدٌّ أثره ومهم لكل أب، فتربية أبنائك مسؤولية واقعة على كاهليك أمام الله، وقال رسول الله (ﷺ): “كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته: الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راعٍ في مال سيده ومسؤول عن رعيته؛ فكلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته”، وأسوةً برسول الله (ﷺ) وأثره في تربية أجيال كاملة من صغار وكبار نقتدي به للتعامل مع صغارنا.
مؤلف كتاب عَلِّم ابنك كيف يسأل ربه وكيف يشكو حزنه إلى الله
عبد الله محمد عبد المعطي: خبير تربوي، وله عدة مؤلفات تربوية مهمة، منها: “بالحب نربي أبناءنا”، و”أطفالنا: خطة عملية للتربية الجمالية سلوكًا وأخلاقًا”، و”حياتنا الأسرية بدون عصبية”.