ثقافة التكنولوجيا
ثقافة التكنولوجيا
إن كل شيء يمضي بسرعة مذهلة، فنحن في عصر التحوُّلات اليوم، فالتكنولوجيا قد خلقت عالمًا مختلفًا تمامًا عن عالم الأمس، ورغم أن التاريخ البشري يحفل بالعديد من الثورات التي كان لها عظيم الأثر في الواقع البشري، فإن ثورة تكنولوجيا المعلومات لا شك أنها كانت الأشد تأثيرًا في البشر، حيث مثَّلت نقطة فاصلة بين الأجيال المختلفة، ويمكن القول إن هناك اليوم أجيالًا قديمة معزولة تمامًا عن الأجيال الجديدة ولها عالمها الخاص، فلكل عصر ثقافته الخاصة التي تستقيم مع درجة تطوره.
وعن علاقة التكنولوجية بالمكونات السياسية نجد أن العلاقات المعلوماتية، على سبيل المثال، أصبحت اليوم عنصرًا أساسيًّا في الأجندة السياسية لكل الدول، كما تمثل شبكة الإنترنت العالمية ميدانًا حرًّا لممارسة القيم الديمقراطية وإضافة نوع من الحرية السياسية إلى الأفراد، وأما من الناحية الاقتصادية فالتكنولوجيا كان لها الأثر الكبير في تغيير ثقافة الإنتاج، بل حتى في طبيعة السلع المنتجة، وكذلك تظهر الثقافة التكنولوجية في الاندماج الحاصل بين الآلة الإنتاجية وتكنولوجيا المعلومات، وكذلك في فيما يتعلق بالملكية الفكرية والتغيرات الثورية التي صاحبت عمليات الطباعة ودور النشر وصناعة السينما والآداب والفنون.
وكعهدنا بها لا تتوقَّف تكنولوجيا المعلومات على استكشاف آفاق معرفية معينة، فهي تصبو إلى إدراك نوعٍ ما من محاكاة العقل البشري، وكذلك تطمح إلى الاستفادة من الأنظمة البيولوجية في جسم الإنسان، والتكامل مع التكنولوجيا الحيوية وبخاصةٍ الهندسة الوراثية وفك طلاسم الجينوم البشري، بل إن صناعة الثقافة في حد ذاتها قد تأثرت أيضًا وأصبحت تجنح إلى أن تكون سلعة في حد ذاتها، وبدأت الدول والمؤسسات الكبرى تهدف إلى فرض سيطرتها الاحتكارية على هذا الفيض من المعلومات، حيث تمتاز الصناعة الثقافية اليوم بالاتجاه إلى الرقمنة والبعد عن الأشكال التقليدية.
الفكرة من كتاب الثقافة العربية وعصر المعلومات
تعد ثقافة أي مجتمع إحدى أهم دعائم وجوده التي يستند إليها، كما تمثِّل الإطار الخارجي الذي يُكسِب المجتمع طابعه الخاص المميز له عن غيره ويحميه من الذوبان في المجتمعات الأخرى، ولكن جاءت ثورة تكنولوجيا المعلومات لتقلب جميع المفاهيم رأسًا على عقب، وتصطدم اصطدامًا مباشرًا مع العقلية العربية السائدة اليوم، لذا كان هذا الكتاب بمثابة محاولة نحو تناول المشكلة التكنولوجية العربية من منظور ثقافي بحت.
مؤلف كتاب الثقافة العربية وعصر المعلومات
الدكتور نبيل علي: رائد معالجة اللغة العربية حاسوبيًّا وتعريب نظم المعلومات على المستويين العربي والعالمي، وحاصل على دكتوراه في هندسة الطيران، يعمل أكثر من 30 عامًا في مجال الكمبيوتر ونظم المعلومات برمجةً وتصميمًا وإدارة، كما أن له أكثر من 15 دراسة في مجال التنمية المعلوماتية بالوطن العربي لمنظمات أليكسو، والإسكوا، واليونسكو، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كما أن له عدة كتب في مجال المعلوماتية منها “اللغة العربية والحاسوب”، و”العرب وعصر المعلومات”، و”تحديات عصر المعلومات”.