الثقافة العربية والمعلومات
الثقافة العربية والمعلومات
إن الباحث في الثقافة العربية يجد أنها اعتمدت على أسس ومرتكزات قوية ما زالت تمتاز بها حتى هذه اللحظة، ورغم حالة التخبُّط وربما التيه الذي يحياه العالم العربي اليوم، فإن تلك المرتكزات الثقافية كانت حائط الصد أمام الانصهار الكامل للمجتمعات العربية داخل بوتقة الثقافات الأخرى الدخيلة عليها جراء الهجمات الاستعمارية على المنطقة العربية، فما زال العالم العربي يستلهم تجارب ماضيه وبخاصةٍ وقت الأزمات، لكن ربما اليوم أصبح الامتحان أصعب من ذي قبل، فالثقافة العربية تعيش مخاضًا عسيرًا جراء ثورة تكنولوجيا المعلومات اليوم.
ففي الماضي كان تغيير بعض الصفات النفسية لأي عرق بشري قد يتطلَّب قرنًا من الزمان حتى تستقرَّ الصفات الجديدة محل القديمة، أما اليوم وفي ظل التسارع الذي تتميَّز به الظواهر العالمية فإن الأمر يحتاج فقط إلى بضعة عقود ليس إلا، فالثورة المعلوماتية اليوم استطاعت أن تكسر حاجز الخصوصية لدى الأفراد مما أتاح الفرصة للاطلاع على الأسرار الدفينة للشعوب، ويمكن عن طريق تجميع الصفات المشتركة بين الأفراد يمكن الوصول في النهاية إلى مفردات العقل الجمعي ومحاولة إعادة تشكيله من جديد، وبخاصةٍ في ظل ظاهرة الإدمان التكنولوجي وضرورة التفاعل مع تلك الأنظمة الذكية ليل نهار واستحالة الاستغناء عنها بالكلية، فأضحى هناك نوع من عملية تكرار التعرُّض للعولمة الثقافية الجديدة لتكنولوجيا المعلومات، مما أحدث بالطبع تشوهًا في الثقافة العربية المتأصلة منذ قرون، فالبشرية اليوم بصفة عامة -والعالم العربي بصفة خاصة- تعيش عصر المتناقضات، فهي تمارس هوايتها الأبدية في مزج الآمال بالأوهام، وإذا ظلَّ العالم العربي هكذا مجرد مفعول به أو حقل تجارب للدول المتقدمة تكنولوجيًّا ستضعف مقاومته وسينزع إلى تبني قيم ثقافية جديدة بصورة تلقائية مع الوقت، فيا له من تحدٍّ جسيم الذي تعيشه اليوم أمتنا العربية.
الفكرة من كتاب الثقافة العربية وعصر المعلومات
تعد ثقافة أي مجتمع إحدى أهم دعائم وجوده التي يستند إليها، كما تمثِّل الإطار الخارجي الذي يُكسِب المجتمع طابعه الخاص المميز له عن غيره ويحميه من الذوبان في المجتمعات الأخرى، ولكن جاءت ثورة تكنولوجيا المعلومات لتقلب جميع المفاهيم رأسًا على عقب، وتصطدم اصطدامًا مباشرًا مع العقلية العربية السائدة اليوم، لذا كان هذا الكتاب بمثابة محاولة نحو تناول المشكلة التكنولوجية العربية من منظور ثقافي بحت.
مؤلف كتاب الثقافة العربية وعصر المعلومات
الدكتور نبيل علي: رائد معالجة اللغة العربية حاسوبيًّا وتعريب نظم المعلومات على المستويين العربي والعالمي، وحاصل على دكتوراه في هندسة الطيران، يعمل أكثر من 30 عامًا في مجال الكمبيوتر ونظم المعلومات برمجةً وتصميمًا وإدارة، كما أن له أكثر من 15 دراسة في مجال التنمية المعلوماتية بالوطن العربي لمنظمات أليكسو، والإسكوا، واليونسكو، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كما أن له عدة كتب في مجال المعلوماتية منها “اللغة العربية والحاسوب”، و”العرب وعصر المعلومات”، و”تحديات عصر المعلومات”.