الثقافة والمجتمع
الثقافة والمجتمع
تعدُّ الثقافة أحد الأركان المحورية في تشكيل هوية أي مجتمع وطابعه الخاص المستقل، كما تعدُّ الرادع ضد ذوبان أي مجتمع في المجتمعات الأخرى، أو تصدُّعه جراء هجمات التغريب التي قد تُشنُّ عليه من جماعات معادية، ورغم تعدد التعريفات التي تناولت هذا المصطلح، فإننا يمكننا القول إن البناء الثقافي لأي مجتمع يُطلق على ذاك الموروث الضخم من الأفكار والاتجاهات واللغة والعادات والتقاليد والفنون، والآداب والمعتقدات والقيم والأخلاق والمعايير والقوانين التي اكتسبها الفرد بوصفه عضوًا في مجتمع ما.
وإذا كانت الأمم تبني حضارتها بواسطة أحجار تم نحتها من قبل، فعلى ذلك تعد ثقافة أي مجتمع هي المحدد الرئيس للحكم على مستقبلها ومسايرتها السنن الكونية والتغييرات المجتمعية، لا سيما أنها تعد خلاصة التجارب والخبرات والأزمات التي مرَّ بها الأفراد خلال الماضي، فهي أساس الوجود الإنساني وعامل الاستقرار في المجتمع، إذ تمثل الرابط المشترك لجميع أفراده، والمحدد الأساسي لأنماط سلوكهم وتفاعلهم مع الأحداث والوقائع المتغيِّرة، بل وحتى نظرتهم إلى الواقع المحيط والطرف الآخر.
ونتيجة لما سبق يمكن القول إن مصطلحي الثقافة والمجتمع يعدَّان وجهين لعملة واحدة، حيث لا ثقافة دون مجتمع كذلك لا يُتصوَّر ثمة مجتمع بغير ثقافة مهما كان بدائيًّا لأن مدلول الثقافة هو عبارة عن نمط الحياة لشعب ما، ومن هنا كانت البنية الثقافية لأي مجتمع ما أفضل المعايير التي يلجأ إليها علماء الاجتماع لتحليل التمايز والاختلاف بين الشعوب بعضها وبعض، وبالكشف عن تلك المكونات والمحددات المجتمعية يصبح من السهل التنبُّؤ بسلوك المجتمعات ومن ثمَّ التحكم بها مستقبلًا، وربما كانت تلك أهم أضرار العولمة التي اجتاحت العالم أجمع غير مكترثة للاختلافات الثقافية بين الدول بعضها وبعض، فهي تعمل على تذويب المجتمعات وفق ثقافة واحدة تخدم مصالح قادة الاقتصاد العالمي.
الفكرة من كتاب الثقافة العربية وعصر المعلومات
تعد ثقافة أي مجتمع إحدى أهم دعائم وجوده التي يستند إليها، كما تمثِّل الإطار الخارجي الذي يُكسِب المجتمع طابعه الخاص المميز له عن غيره ويحميه من الذوبان في المجتمعات الأخرى، ولكن جاءت ثورة تكنولوجيا المعلومات لتقلب جميع المفاهيم رأسًا على عقب، وتصطدم اصطدامًا مباشرًا مع العقلية العربية السائدة اليوم، لذا كان هذا الكتاب بمثابة محاولة نحو تناول المشكلة التكنولوجية العربية من منظور ثقافي بحت.
مؤلف كتاب الثقافة العربية وعصر المعلومات
الدكتور نبيل علي: رائد معالجة اللغة العربية حاسوبيًّا وتعريب نظم المعلومات على المستويين العربي والعالمي، وحاصل على دكتوراه في هندسة الطيران، يعمل أكثر من 30 عامًا في مجال الكمبيوتر ونظم المعلومات برمجةً وتصميمًا وإدارة، كما أن له أكثر من 15 دراسة في مجال التنمية المعلوماتية بالوطن العربي لمنظمات أليكسو، والإسكوا، واليونسكو، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كما أن له عدة كتب في مجال المعلوماتية منها “اللغة العربية والحاسوب”، و”العرب وعصر المعلومات”، و”تحديات عصر المعلومات”.