مرقاة السلوك والأخلاق
مرقاة السلوك والأخلاق
تعد الأخلاق من المباحث التي استولت على نصيب كبير من المناقشة والجدال بين الفلاسفة وعلماء اللاهوت حول طبيعتها ومنشئها، فبالتتابع تم ذكر الديانات والمنفعة والسعادة والعلم، وغير ذلك كأساس لنشأة الأخلاق وإكسابها سلطانها، ورغم كل تلك الأطروحات فإنها لم تجدِ نفعًا، حيث فشلت المحاولات في إخضاع قضية الأخلاق لعملية البحث العقلي المجرد حتى أضحى الأمر أشبه بضوضاء أدمغة، فتبدَّد بذلك الأمل في أن ينير العلم تلك المسائل.
فالأخلاق إنما هي قواعد السلوك التي تهدف إلى عمل الخير واجتناب الشر، ولا يخفى أن ذلك المبحث ومفرداته مما يختلف البحث فيه بين أمة وأخرى؛ تبعًا لاختلاف نظرتهم المجتمعية حول مفاهيم الخير والشر والفضيلة والرذيلة التي تعد من مقومات الطبيعة البشرية، وتخضع للمقاييس العرقية النفسية، فما يعد فضيلة عند أمة ما قد يكون رذيلة عند أمة أخرى.
ويجب التفرقة في البحث الفلسفي بين كلٍّ من الأخلاق الفردية ونظيرتها الجمعية، فالأولى إنما تخضع لبعض سلطان الفرد وإرادته، وقد يعطلها بصورة أو بأخرى وفقًا لمصلحته الشخصية، أما الأخلاق الجمعية فعلى النقيض تمامًا، فالفرد مُكره على الخضوع لها حيث تختصُّ بالقواعد الضرورية لبقاء المجتمع دون أن تأبه كثيرًا بالمصالح الشخصية المختلفة للأفراد، ولذلك تكتسب صفتها الإلزامية من القانون الجمعي أو من سجايا العرق البشري أو تبعًا لما تقتضيه الحياة، وهي في ذلك تشكِّل قيدًا على الغرائز الطبيعية الفردية في سبيل مصلحة المجموع ككل، ولكن إذا تغيَّرت الطبائع فقدت تلك الأخلاق الجمعية كثيرًا من سلطانها، ومن هنا تعجز القوانين عن فرضها، فهي إنما تؤيد العادات فقط دون أن تخلقها، لذلك يتوقَّف ثبات خُلق ما في أمةٍ على مدى ثبات طبائعها وعاداتها النفسية ومدى مسايرتها لمقتضيات الحياة.
الفكرة من كتاب حياة الحقائق
يعتري البشر العديد من الاحتياجات المادية والنفسية، ويبدو أن الاحتياج النفسي إلى فكرة وجود الإله أضحى من الإلحاح ما دفع الإنسان إلى محاولته الارتكان إلى أوهام دينية ليقبع مختارًا في حظيرة العبودية..
يتحدث غوستاف لوبون عن المقدسات الثلاثة للشعوب والمتمثلة في الروح الدينية والأخلاق والفلسفة المعرفية، ويتناول كلًّا منها بالشرح والمثال، باحثًا عن مصادرها ونتائجها التي وجَّهت البشر عبر التاريخ، فلو نظرت إلى تعاقب نتائج تلك الحقائق الثلاث لم تجد الحاضر إلا وليد الماضي.
مؤلف كتاب حياة الحقائق
غوستاف لوبون Gustave Le Bon: طبيب ومؤرخ فرنسي، وواحدٌ من أشهر المؤرخين الأجانب الذين اهتموا بدراسة الحضارات الشرقية والعربية والإسلامية، ولد في مقاطعة نوجيه لوروترو، بفرنسا عام ١٨٤١م، ودرس الطب، وقام بجولة في أوروبا وآسيا وشمال أفريقيا، وأنتج مجموعة من الأبحاث المؤثرة عن سلوك الجماعة، والثقافة الشعبية، ووسائل التأثير في الجموع، ما جعل من أبحاثه مرجعًا أساسيًّا في علم النفس، تُوفِّي في ولاية مارنيه لاكوكيه، بفرنسا 1931م.
من أهم كتبه ومؤلفاته:
حضارة العرب.
الآراء والمعتقدات
سيكولوجية الجماهير.
السنن النفسية لتطور الأمم.