بين الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيك
بين الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيك
تُعنى الجغرافيا السياسية بعلاقة الظاهرة السياسية بالأرض، فتصف الدول وتزن قوتها وكيف تؤثر جغرافيا هذه الدولة (مواردها وإمكاناتها) في حركتها تاريخيًّا، وتدرس الجغرافيا السياسية تأثير البيئة الجغرافية في إقليم معين على قاطني الإقليم من البشر وكيف تجانسوا عبر التاريخ ويُسمى المنهج الإقليمي، ويستخدم هذا المنهج أيضًا في إذكاء الروح القومية عند الشعوب عبر إيضاح الشخصية الخاصة للإقليم.
كما تحتاج الدول إلى الجغرافيا السياسية في سياساتها الداخلية وفي حل مشكلاتها المتعلقة بالجغرافيا، على سبيل المثال: دراسة مشكلة دولة مثل روسيا حيث لا يتوافر لها موانٍ بحرية إلا ميناء واحد على البحر الأسود، وقريب من هذا استخدام الجغرافيا السياسية في إيضاح التحديات التي تجابه الإقليم كمد الطرق وإنشاء الجسور والكباري وإصلاح الأراضي، وتضع حلولًا لهذه المشكلات بما يتناسب مع قدرات الإقليم. وبما أن السياسة تعتمد على نحو أساسي على موازين القوى، فإن الجغرافيا توفر نقاطًا من القوة، وقد تُضعف من قوة الدولة كفاعل في السياسة، وعلم الجغرافيا السياسية يدرس هذه المتغيرات.
أما على الجانب الآخر فعلم الجيوبوليتيك لا يكتفي بتوصيف واستنتاج نقاط القوة والضعف، ولكن يمثل طموح الدول في تحقيق احتياجاتها ومصالحها في المستقبل ووضع الخطط الاستراتيجية المبنية على العلم بالواقع الجغرافي والتاريخي، إذًا فعلم الجيوبوليتيك ليس مقتصرًا على فهم المشكلات الداخلية وحلها فقط، ولكن تحقيق آمال الدولة الخارجية المتقاطعة مع مصالح الدول الأخرى وآمالها، فعلم الجيوبوليتيك ينظر إلى المستقبل ويرسم المسار إليه، وهذا العلم أساس لفهم تحرُّكات الدول في السياسة الدولية وليس الفهم فقط ولكن التنبؤ أيضًا، كما يدرس تعارض مصالح اللاعبين الدوليين في منطقة جغرافية معينة.
الفكرة من كتاب جيوبوليتيك: الجغرافيا والحلم العربي القادم
ربما قد عرف بعضنا علم الجغرافيا على نحو غير صحيح عندما درسناه صغارًا فظنوا أن هذا العلم قليل الفائدة أو أنه علم جاف، ولكن حقيقة الأمر أن أداة الجغرافيا -وبخاصة الجيوبولتيك- تضيف الكثير من الفائدة للعاملين بالسياسة والشؤون الاستراتيجية، كما أنها لا تخلو من المتعة.
ومن هنا جاءت فكرة هذا الكتاب، فقد أخذ فيه مؤلفه مقاربة جديدة لإيصال مفاهيم هذا العلم عبر عرض نماذج وأمثلة واقعية لتطبيقاته، وجدير بالذكر أن كتاب “الجيوبوليتيك” هو الكتاب الثامن ضمن سلسلة أدوات القادة من مشروع النهضة للدكتور جاسم سلطان.
مؤلف كتاب جيوبوليتيك: الجغرافيا والحلم العربي القادم
الدكتور جاسم سلطان: طبيب ومستشار ومدير للتخطيط الاستراتيجي لعدد من المؤسسات الحكومية والخاصة، درس في كلية الطب جامعة القاهرة في سبعينيات القرن الماضي، برز الدكتور جاسم سلطان بمشروعه الذي عمل عليه طيلة عشرين عامًا وهو مشروع لنهضة الأمة عبر تكوين قادة لهذا التغيير متسلِّحين بالأدوات العلمية والعملية المناسبة، وقدم في سبيل ذلك العديد من المواد المكتوبة والمرئية والمسموعة.
من أبرز مؤلفاته: “من الصحوة إلى اليقظة: استراتيجية الإدراك للحراك”، و”قواعد في الممارسة السياسية”، و”فلسفة التاريخ: الفكر الاستراتيجي في فهم التاريخ”.